وبهذه المصلحة السلوكية يتدارك ما فات على المكلف من مصلحة الواقع بسبب قيام الأمارة على خلافه (1)، انتهى ملخصا.
وفيه أولا: أنه لا معنى لسلوك الأمارة وتطرق الطريق إلا العمل على طبق مؤداها، فإذا أخبر العادل بوجوب صلاة الجمعة مثلا فسلوك هذه الأمارة وتطرق الطريق ليس إلا الإتيان بصلاة الجمعة، إذ التصديق الغير العملي لا يصدق عليه السلوك على طبقها، بل يتوقف ذلك على جعل العمل مطابقا لها، الذي هو عبارة أخرى عن الإتيان بمؤداها. ومن الواضح أن التغاير بين المؤدى والإتيان به ليس إلا بالاعتبار، لتغاير بين الإيجاد والوجود. وحينئذ فلم يبق فرق بين الوجه الثالث والوجه الثاني الذي قامت الضرورة والإجماع على خلافه.
وثانيا: أن الأمارات الشرعية غالبها، بل جميعها أمارات عقلائية يعمل بها العقلاء في معاملاتهم وسياساتهم، ومن الواضح أن الأمارات العقلائية طرق محضة، لا مصلحة في سلوكها أصلا، إذ ليس المقصود بها إلا مجرد الوصول إلى الواقع، من دون أن يكون في سلوكها مصلحة، كما هو واضح لا يخفى.
هذا ما يتعلق بالجواب عن محذور التفويت والإلقاء.
الجواب عن محذور اجتماع المثلين أو الضدين وأما اجتماع المثلين أو الضدين أو النقيضين، فلا يخفى أنه يمكن توجيهه بنحو لا يرد عليه ما حققناه في مبحث اجتماع الأمر والنهي، من عدم ثبوت التضاد بين الأحكام أصلا، بأنه كيف يجتمع الإرادة الحتمية من المولى بفعل شئ أو تركه، مع جعله قول العادل حجة، الراجع إلى الترخيص في الترك أو