ثم إن الوجه الذي ذكرنا في دلالة النهي على الصحة في هذا القسم يجري في القسم الثاني أيضا، فلا تغفل.
رابعها: أن يكون النهي متعلقا بالآثار المترتبة على المعاملة، كالنهي عن أكل الثمن فيما إذا كان عن الكلب والخنزير، والنهي في هذا القسم يدل على الفساد، لكشف تحريم الثمن عن فسادها، إذ لا يكاد يحرم مع صحتها، كما لا يخفى.
ثم إن هذا كله فيما لو علم تعلق النهي بواحد معين من الأقسام الأربعة المتقدمة، وأما لو أحرز كون النهي للتحريم ولكن لم يعلم متعلقه وأنه هل هو من قبيل القسم الأول أو من قبيل سائر الأقسام؟ فالظاهر كونه من قبيل القسم الأخير، لأنه هو المقصود من المعاملة، فالنهي يتوجه إليه، وقد عرفت كشفه عن فسادها.
فتحصل مما ذكرنا: أن النهي المتعلق بالمعاملة من دون قرينة يدل على فسادها إما لكونه إرشادا إلى فسادها، كما عرفت أنه الظاهر منه، وإما لكونه يدل على حرمة الآثار، وهي ملازمة للفساد، فتأمل جيدا.
حول الروايات التي استدل بها لدلالة النهي على الفساد بقي الكلام فيما يستدل به من الأخبار على دلالة النهي على الفساد في المعاملات شرعا:
منها: ما رواه في الكافي والفقيه عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن مملوك تزوج بغير إذن سيده، فقال: " ذاك إلى سيده إن شاء أجازه، وإن شاء فرق بينهما ".
قلت: أصلحك الله إن الحكم بن عيينة وإبراهيم النخعي وأصحابهما