الوجه الثاني: ما هو المعروف بين المتأخرين وقد استدل لإثباتها بوجوه:
الأول: دعوى تبادر العلية المنحصرة من كلمة " إن " وأخواتها، ولا يخفى أن إثبات ذلك موقوف على إثبات دلالة القضية الشرطية على الارتباط بين الشرط والجزاء، ثم كون ذلك الارتباط بنحو اللزوم، ثم كون اللزوم بنحو الترتب، أي ترتب الجزاء على الشرط لا العكس، ولا مجرد الملازمة من دون ترتب، كما في المعلولين لعلة واحدة، ثم كون الترتب بنحو ترتب المعلوم على علته، ثم كون تلك العلة علة مستقلة، ثم كونها مع الاستقلال منحصرة، ومن الواضح أن إثبات جميع هذه الأمور في غاية الإشكال، بل نقول: إن المقدار الذي يصحح استعمال كلمة الشرطية هو مجرد الارتباط بين الشرط والجزاء ولو لم يكن ذلك بنحو اللزوم.
ألا ترى أنه يصح أن يقال: إذا جاء زيد فمعه عمرو، فيما لو كان مصاحبا له نوعا من دون رعاية علاقة أصلا، كما أنه يستعمل كثيرا في موارد اللزوم وفي المراتب التي بعده.
وكيف كان فالإنصاف أن دعوى ذلك خلاف الوجدان.
الثاني: الانصراف، ومما ذكرنا في التبادر يظهر أن دعواه أيضا مما لا دليل على إثباته.
الثالث: التمسك بإطلاق كلمة " إن " وأخواتها الموضوعة للزوم بتقريب أن مقدمات الحكمة تقتضي الحمل على الفرد الذي لا يحتاج إلى مؤونة التقييد، وهو هنا اللزوم بنحو العلية المنحصرة، كما أن قضية إطلاق صيغة الأمر هو الوجوب النفسي.