حول صيغة النهي الفصل الأول في صيغة النهي اعلم أن هيئة " لا تفعل " إنما وضعت في اللغة للزجر عن وجود الطبيعة التي تعرض لها تلك الهيئة، كما أن هيئة " افعل " موضوعة للبعث إلى وجودها، فالفرق بين الأمر والنهي بعد الاشتراك في تعلقهما بالوجود إنما هو في كون الأول موضوعا ومفيد للبعث، والثاني دالا على الزجر، وحينئذ فلا يبقى للنزاع المعروف - وهو: أن المطلوب في باب النواهي هل هو الكف أو نفس أن لا تفعل - مجال أصلا، إذ ذلك النزاع متفرع على اشتراكهما في الدلالة على الطلب، غاية الأمر ثبوت الاختلاف في باب النواهي في أن متعلق الطلب هل هو الأمر الوجودي أي الكف أو الأمر العدمي، أي نفس أن لا تفعل، وقد عرفت أن النهي لا يدل على الطلب حتى ينازع في تعيين المطلوب وأنه أمر وجودي أو عدمي، بل إنما هو موضوع للزجر، ومتعلقه إنما هو وجود الطبيعة لا غير، كما هو واضح.
ثم على تقدير دلالة النهي على الطلب فلا مجال لاحتمال كون المطلوب هو العدم، وذلك لأن العدم ليس بشئ حتى يمكن تعلق الطلب به، وهذا واضح جدا.