سلم فإنما هو بحسب الحكم الواقعي لا الفعلي، مع إمكان أن يقال بعدم استحالة خلوها عن الحكم بحسب الواقع أيضا، فإن الإباحة التي منشأها عدم تعلق حكم شرعي به بمعنى أن جواز فعله لعدم تعلق النهي التحريمي ولا التنزيهي به وجواز تركه، لعدم تعلق الأمر الوجوبي ولا الاستحبابي به أيضا في الحقيقة ليست بحكم.
نعم الإباحة التي منشأها خلو الفعل عن المصلحة والمفسدة أو تساويهما الراجعة إلى جعل الشارع إياها لذلك، حكم من الأحكام الخمسة، بخلاف الإباحة بالمعنى الأول، كما لا يخفى.
وأما بطلان الثالثة: فقد عرفت تفصيله، وأن الأمر بالشئ لا يقتضي النهي عن نقيضه، لا بنحو العينية، ولا على طريق الجزئية، ولا على سبيل اللزوم، فتأمل جيدا.
الأمر الرابع: في ثمرة المسألة اعلم أن المشهور ذكروا في ثمرة القول بالاقتضاء وعدمه أن القول بالاقتضاء بضميمة أن النهي في العبادات يوجب البطلان ينتج بطلان الضد لو كان عبادة، بخلاف القول بالعدم.
هذا، ولكن لا يخفى انتفاء الثمرة وصحة العبادة حتى على القول بالاقتضاء، فإنك عرفت أن منشأ القول بالاقتضاء إما توهم مقدمية ترك الضد لفعل الضد الآخر، وإما توهم الملازمة بينهما، وعلى التقديرين لا يثبت بطلان العبادة.
أما على تقدير المقدمية: فلأن النهي الناشئ من جهتها نهي مقدمي غيري، والنهي الذي يؤثر في بطلان متعلقه إذا كان عبادة هو النهي الذي كان عن ملاك