المزاحمة التي تتحقق بينهما بعدا؟! بعدما عرفت من أن معنى الإطلاق هو أخذ الطبيعة المرسلة موضوعا للحكم ومتعلقا للأمر بلا ملاحظة الأفراد ولا الحالات التي من جملتها في المقام حال الابتلاء بالضد الواجب.
وبالجملة، فالآمر في مقام الأمر لم يلاحظ الحالات بخصوصها حتى صار بصدد علاج المزاحمة الحاصلة في بعض الحالات المتأخرة عن الأمر، كما هو واضح، وعلى تقدير تسليم عدم الامتناع عقلا نقول: إن ذلك غير واقع، إذ ليس في الأدلة الشرعية ما يظهر منه تقييد الأمر بالمهم واشتراطه كما يظهر بالمراجعة.
فانقدح من جميع ذلك: أنه لو كان المراد بالاشتراط اشتراطا شرعيا، يرد عليه امتناعه، وعلى تقدير التسليم عدم وقوعه فلا يفيد أصلا، كما لا يخفى، فيجب أن يكون المراد بالاشتراط اشتراطا عقليا.
تحقيق في الجواب على مسلك الخطابات القانونية وتنقيح الكلام في هذا المقام بحيث يظهر منه صحة الاشتراط ولزومه أو عدمهما يتوقف على رسم مقدمات:
الأولى: أنه ليس للحكم إلا مرتبتان: مرتبة الإنشاء ومرتبة الفعلية، بل نقول: إنهما ليستا مرتبتين للحكم بأن يكون كل حكم ثابتا له هاتان المرتبتان، بل هما مقسمان لطبيعة الحكم بمعنى أن الأحكام على قسمين: أحدهما: الأحكام الإنشائية، وثانيهما: الأحكام الفعلية، والمراد بالأولى هي الأحكام التي لم يكن فيها ما يقتضي إجراءها بعد جعلها بل أوحي إليها إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأودعها (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الأئمة (عليهم السلام) حتى يظهر قائمهم (عليه السلام)، فيجريها، كما أن المراد بالثانية هي القوانين والأحكام التي قد أجريت بعد الوحي، وهي الأحكام