الباعث الداعي على البعث الوصول إلى مبعوث إليه ببعث آخر، فالواجب واجب نفسي.
مقتضى الأصل اللفظي في المقام ثم إنه لو دار الأمر بينهما وتردد بين أن يكون هو الواجب النفسي أو الغيري ولم يكن في البين ما يدل على أحدهما، فقد يقال بأن مقتضى الإطلاق هو الحمل على الواجب النفسي، لأن غيره يحتاج إلى خصوصية زائدة، وهي كون المقصود منه التوصل إلى شئ آخر، وأما النفسية فلا يزيد على أصل الوجوب، فالإطلاق يقتضي تعيينه (1).
وفيه ما لا يخفى من الضعف، فإنه لا إشكال في أن الواجب النفسي والغيري قسمان لطبيعة الواجب، ولا يعقل أن يكون أحد الأقسام عين المقسم، بل لابد أن يكون لها خصوصية زائدة على أصل المقسم وجودية كانت أو عدمية.
والذي ينبغي أن يقال: إنه حيث كانت الحجة من قبل المولى تامة غير محتاجة إلى شئ آخر، فهي قاطعة للعذر بالنسبة إلى العبد، ويصح للمولى الاحتجاج بها عليه، فلا محالة تحتاج إلى الجواب، كما مر نظيره في مبحث دلالة صيغة الأمر على الوجوب، فلو قال: ائتني بالماء، وشك في أن المقصود هو مجرد تمكنه من الماء أو استعماله في الوضوء فتوضأ، فمجرد احتمال أن يكون المقصود استعماله في الوضوء، فلم يبق له موضوع لفرض التوضي بماء آخر لا يصحح الاحتجاج به على المولى بعد تمامية الحجة من قبله، بل اللازم تحصيل الماء للمولى. نعم لا يثبت بما ذكرنا كون الواجب واجبا نفسيا حتى يترتب