الشرط في ظاهر القضية الشرطية وإن كان مفاد الهيئة التي هي جزئية ووجوب شخصي يرتفع بارتفاع الشرط عقلا إلا أن مفادها بنظر العرف هو تعليق الإكرام الذي هو أمر كلي على المجئ، فلا يبقى مع انتفائه وجه لوجوبه.
الأمر الثاني: في تعدد الشرط واتحاد الجزاء إذا تعدد الشرط واتحد الجزاء كما في قوله: إذا خفي الأذان فقصر وإذا خفي الجدران فقصر فبناء على عدم ثبوت المفهوم - كما هو الحق، وقد تقدم - لا تعارض ولا تنافي بين القضيتين، وأما بناء على المفهوم، فيقع التعارض بينهما، لأن مفهوم الأول عدم وجوب القصر عند عدم خفاء الأذان، سواء خفي الجدران أو لم يخف، ومفهوم الثاني عدم وجوب القصر عند عدم خفاء الجدران، سواء خفي الأذان أو لم يخف، فهل اللازم تخصيص مفهوم كل منهما بمنطوق الآخر، أو أنه لا مفهوم لواحد منهما في هذه الصورة، أو كون الشرط لوجوب القصر هو مجموع الشرطين، أو كونه الجامع بينهما؟ وجوه.
ولابد أولا من بيان أن التعارض هل هو بين المنطوقين ويسري منهما إلى المفهومين أو بين المفهومين فقط؟
فنقول: الظاهر هو الأول، وذلك لأنه إن كان الوجه في ثبوت المفهوم هو كون كلمة " إن " وأخواتها موضوعة للعلية المنحصرة، فكل واحد من القضيتين تدل على العلية المنحصرة، فهما بمنزلة قوله: العلة المنحصرة لوجوب القصر هو خفاء الأذان، والعلة المنحصرة له هو خفاء الجدران، ومن المعلوم ثبوت التعارض بين نفس هاتين القضيتين، لاستحالة كون شيئين علتين منحصرتين لشئ واحد، وكذا لو كان الوجه في ثبوت المفهوم هو الانصراف، وأما لو كان الوجه فيه هو الإطلاق بأحد الوجوه المتقدمة، فالظاهر أيضا التعارض بين