عرض الاحتياط الذي هو في طول الواقع، فلابد أن تكون الرخصة أيضا في طوله ممنوع جدا، لأنه قد ثبت في محله أن ما في عرض المتقدم على شئ لا يلزم أن يكون متقدما عليه، لأن التقدم والتأخر إنما يثبت في موارد ثبوت ملاكهما، كالعلية والمعلولية، ولا معنى لثبوتهما من دون ملاك، كما هو واضح.
ورابعا: أن ما ذكره - على تقدير تسليم صحته - لا يجدي في رفع الإشكال بالتوجيه الذي ذكرناه، فتدبر.
ومما تفصى به عن الإشكال ما أفاده السيد الأصفهاني - على ما حكاه عنه المحقق المعاصر في كتاب " الدرر " - وملخصه: أنه لا إشكال في أن الأحكام إنما تتعلق بالمفاهيم المتصورة في الذهن، لكن لا من حيث إنها كذلك، بل من حيث إنها حاكية عن الخارج.
ثم إن المفهوم المتصور تارة يكون مطلوبا على نحو الإطلاق، واخرى على نحو التقييد، وعلى الثاني فقد يكون ذلك لعدم المقتضي في غير المقيد، وقد يكون لوجود المانع، مثلا قد يكون عتق الرقبة مطلوبا على سبيل الإطلاق، وقد يكون الغرض في عتق الرقبة المؤمنة خاصة، وقد يكون في المطلق، إلا أن عتق الرقبة الكافرة مناف لغرضه الآخر، ولأجله قيد العتق المطلوب بما إذا تحقق في الرقبة المؤمنة، فتقييده في هذا القسم إنما هو من جهة الكسر والانكسار، لا لتضييق دائرة المقتضى.
ومن المعلوم: أن ذلك يتوقف على تصور العنوان المطلوب أولا مع العنوان الآخر المتحد معه في الوجود المخرج له عن المطلوبية الفعلية، فلو فرضنا عنوانين غير مجتمعين في الذهن فلا يعقل تحقق الكسر والانكسار. فاللازم من ذلك: أنه متى تصور العنوان الذي فيه جهة المطلوبية يكون مطلوبا صرفا، من دون تقييد وكذا العنوان الذي فيه جهة المبغوضية.