الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا " (1)، وقوله (عليه السلام): " عليك بالأسدي " (2)، يعني أبا بصير، فإنه لو استفيد منها الجعل الشرعي، واغمض عن كون جميعها إرشادا إلى الارتكاز العقلائي فظاهرها وجوب العمل على قول العادل، لا جعل الحجية والوسطية، كما لا يخفى.
وثالثا - وهو العمدة -: أنه مع الغمض عن الإيرادين الأولين نقول: إن ما أفاد من كون المجعول هو الوسطية في الإثبات لا يجدي في دفع الإشكال، لما تقدم في توجيهه من أن مرجع الإشكال إلى استحالة اجتماع الإرادة الحتمية المتعلقة بإيجاد شئ، والإرادة الجائية من قبل الحجية الراجعة إلى الترخيص في المخالفة فيما لو أخطأت الأمارة، وهذا لا يندفع بما ذكره، ولم يكن الإشكال منحصرا بالاجتماع في خصوص الحكمين، حتى يندفع بما ذكره من عدم كون المجعول في باب الأمارات هو الحكم.
هذا، وأما ما أفاده في باب الأصول المحرزة فملخصه: أن المجعول فيها هو البناء العملي على أحد طرفي الشك على أنه الواقع، وإلغاء الطرف الآخر، وجعله كالعدم، فالمجعول في الأصول التنزيلية ليس أمرا مغايرا للواقع، بل الجعل الشرعي إنما تعلق بالجري العملي على المؤدى، على أنه هو الواقع، كما يرشد إليه قوله (عليه السلام) في بعض أخبار قاعدة التجاوز " بلى قد ركعت " (3)، فإن كان