والعنوان المتعلق للأحكام الواقعية مع العنوان المتعلق للأحكام الظاهرية مما لا يجتمعان في الوجود الذهني، مثلا إذا تصور الآمر صلاة الجمعة فلا يمكن أن يتصور معها إلا الحالات التي يمكن أن تتصف بها في هذه الرتبة، مثل كونها في المسجد أو في الدار، وأما اتصافها بكون حكمها الواقعي مشكوكا فليس مما يتصور في هذه الرتبة، لأن هذا الوصف إنما يعرض الموضوع بعد تحقق الحكم، والأوصاف المتأخرة عنه لا يمكن إدراجها في موضوعه، فلا منافاة حينئذ بين الحكمين، لأن الجهة المطلوبية ملحوظة في ذات الموضوع مع قطع النظر عن الحكم، وجهة المبغوضية ملحوظة مع لحاظه.
إن قلت: العنوان المتأخر وإن لم يكن متعقلا في مرتبة تعقل الذات ولكن الذات ملحوظة في مرتبة تعقل العنوان المتأخر، فعند ملاحظة العنوان المتأخر يجتمع العنوانان في اللحاظ.
قلت: تصور ما يكون موضوعا للحكم الواقعي الأولي مبني على قطع النظر عن الحكم، وتصوره بعنوان كونه مشكوك الحكم لابد وأن يكون بلحاظ الحكم، ولا يمكن الجمع بين لحاظ التجرد عن الحكم ولحاظ ثبوته (1).
ويرد عليه أولا: أن عنوان كون الموضوع مشكوك الحكم لا يتوقف على تحققه قبله، ضرورة أنه يمكن الشك في حكم الموضوع مع عدم كونه محكوما بحكم. فبين العنوانين - أعني عنوان الموضوع بلحاظ حكمه الواقعي وعنوان كونه مشكوك الحكم - نسبة العموم من وجه، لأنه كما يمكن أن يكون الموضوع معلوم الحكم فيتحقق الافتراق من ناحية الموضوع، كذلك يمكن أن يكون مشكوك الحكم مع عدم تحققه أصلا. كيف، ولو كان عنوان المشكوكية