كما أن مقتضى الحديث رفع الحكم فيما إذا لم يلزم من رفعه ضرر على شخص آخر، لأن ذلك ينافي الامتنان على الأمة الظاهر في الامتنان على جميع الأمة، كما لا يخفى. وحينئذ فالاضطرار مثلا إلى أكل مال الغير لا يوجب إلا سقوط التحريم المتعلق بإتلاف مال الغير من دون إذن، لا سقوط الضمان أيضا، بل يشكل سقوط الحكم التكليفي أيضا في بعض الموارد، كما إذا اضطر بالاضطرار العرفي الغير البالغ حد الاضطرار الشرعي إلى أكل عين متعلقة بالغير، بحيث كانت خصوصيتها أيضا متعلقة لغرضه، ولا يرضى بإتلافه مع دفع القيمة أصلا، لكون خصوصيتها مطلوبة له أيضا، فإنه يشكل الحكم بجواز الإتلاف بمجرد عروض اضطرار يمكن له التحمل عقلا، وإن لم يكن مما يتحمل عادة، كما لا يخفى.
الأمر الثالث: في شمول الحديث للأمور العدمية ذكر المحقق النائيني (قدس سره) - على ما في تقريرات بحثه - أن حديث الرفع إنما يختص برفع الأمور الوجودية، فلو أكره المكلف على الترك أو اضطر إليه أو نسي الفعل ففي شمول الحديث له إشكال، لأن شأن الرفع تنزيل الموجود منزلة المعدوم، لا تنزيل المعدوم منزلة الوجود، فإن ذلك إنما يكون وضعا لا رفعا، فلو نذر أن يشرب من ماء دجلة، فأكره على العدم أو اضطر إليه أو نسي أن يشرب فمقتضى القاعدة وجوب الكفارة عليه، لو لم تكن أدلة وجوب الكفارة مختصة بصورة التعمد ومخالفة النذر عن إرادة والتفات (1).
هذا، وأجاب عن ذلك المحقق العراقي - على ما في تقريرات بحثه - بعدم