هل المسألة عقلية أو لفظية؟
ثم إنه بعد الفراغ عن كونها مسألة أصولية يقع الكلام في أنها أصولية عقلية أو لفظية؟
والتحقيق أن يقال بابتناء ذلك على كون الدلالة الالتزامية من الدلالات اللفظية، نظير المطابقة والتضمن، وعدمه، كما هو الحق، فإن قلنا بالأول، تكون مسألة أصولية لفظية، ولعله الوجه في ذكر المسألة في مباحث الألفاظ.
وإن قلنا بالثاني، تكون عقلية ويمكن أن يقال بكون المقام مسألة أصولية عقلية وإن قلنا بكون الدلالة الالتزامية من الدلالات اللفظية.
توضيحه: أن عد الدلالة الالتزامية من الدلالات اللفظية إنما هو فيما إذا كان الملزوم هو المدلول المطابقي للفظ، فهو يدل أولا عليه، وبتوسيطه يدل على المعنى اللازم لمدلوله المطابقي، وهنا ليس كذلك، لأن النزاع في ثبوت الملازمة بين الإرادة المتعلقة بالبعث إلى ذي المقدمة وبين الإرادة المتعلقة بالبعث إلى المقدمة، فالتلازم على فرض ثبوته إنما هو بين الإرادتين، ومن المعلوم أنه لا تكون إحداهما مدلولا مطابقيا للفظ حتى يدل اللفظ بتوسيطه على الآخر، بل مفاد اللفظ هو البعث المتعلق بذي المقدمة، وهو وإن كان كاشفا عن ثبوت الإرادة القبلية إلا أن ذلك ليس من باب الدلالة اللفظية عليه، بل من باب أن الفعل الاختياري كاشف عن ثبوت الإرادة المتعلقة به قبله.
وبالجملة: فلم يكن أحد المتلازمين مدلولا مطابقيا للفظ أصلا، بل كلاهما خارجان عن معناه الموضوع له، وحينئذ فليس إلى ادعاء الدلالة اللفظية في المقام سبيل أصلا، كما هو واضح لا يخفى.