تعالى: * (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرايره) * (1)، فيشترك العاصي والمتجري في هذا المعنى، بلا تداخل في العاصي أصلا، كما لا يخفى.
ثم لا يذهب عليك: أن الفعل المتجرى به الذي يكون مصداقا لبعض العناوين الغير المحرمة حقيقة لا يتصف بالقبح أصلا، لعدم كونه مصداقا للتجري على المولى - الذي قد عرفت أنه قبيح عند العقل - ضرورة أن الجرأة على المولى إنما تكون من الصفات النفسانية والأحوال العارضة للنفس، ولا يكون لها مصداق في الخارج أصلا، بل هو نظير العلم والإرادة وغيرهما من الصفات التي محلها النفس. نعم، يكون الإتيان بالفعل المتجرى به كاشفا عن تحققه فيها، ومظهرا لثبوته، ولا يكون مصداقا له، كما هو واضح. وحينئذ فلا وجه لسراية القبح إليه، بعد كونه مصداقا حقيقيا لبعض العناوين الغير المحرمة.
نقد كلام صاحب الكفاية ثم إن المحقق الخراساني (قدس سره) بعد أن اختار قبح التجري، مستدلا بشهادة الوجدان، وذهب إلى أنه لا يوجب تفاوتا في الفعل المتجرى به، بل هو باق على ما هو عليه من الحسن والقبح والوجوب أو الحرمة - لعدم كونه بما هو مقطوع الحرمة اختياريا - أورد على نفسه بقوله: إن قلت: إذا لم يكن الفعل كذلك فلا وجه لاستحقاق العقوبة على مخالفة القطع، وهل كان العقاب عليها إلا عقابا على ما ليس بالاختيار.
ثم أجاب بأن العقاب إنما يكون على قصد العصيان والعزم على الطغيان، لا