الأمر السادس في الواجب النفسي والغيري والكلام فيه يقع في مقامين:
الأول: في الإرادة المتعلقة بالأفعال أعم من إرادة الفاعل، والأمر.
الثاني: في البعث الصادر منه.
أما الكلام في المقام الأول: فملخصه أن إرادة الفاعل لا تتعلق أولا إلا بما هو محبوب له بالذات ومعشوق له بنفسه، والإرادات المتعلقة بمقدمات حصول ذلك المحبوب الأولي إنما هي في طول تلك الإرادة المتعلقة به، ومتأخرة عنها ومترشحة منها، لا بمعنى كونها علة موجدة لها، فإن ذلك لا يعقل كما مر مرارا، بل بمعنى أن تعلق الاشتياق بمراداتها إنما هو لتحصيل الغرض الأقصى والمطلوب الأولي.
وبالجملة، فأكثر الإرادات المتعلقة بالأفعال الصادرة من البشر بل كلها إنما هو لتحصيل ما يكون مرادا بالذات ومشتاقا إليه بنفسه، وهي اللذة والاستراحة، كما لا يخفى، وكذا يقال في إرادة الآمر بلا فرق بينهما أصلا.
وأما الكلام في المقام الثاني: الذي هو المقصود بالأصالة في هذا المقام، إذ التقسيم إنما هو للواجب باعتبار الوجوب، وقد عرفت أنه لا يكون عبارة عن مجرد الإرادة المظهرة، بل إنما هو عبارة عن البعث الصادر من الآمر، فملخصه:
أن البعث إلى شئ إن كان للتوصل إلى حصول ما يكون متعلقا للبعث الآخر، وبعبارة أخرى: كان فوق هذا البعث بعث آخر يكون الغرض منه التوصل إلى حصول المبعوث إليه بالبعث الأولي، فهو واجب غيري، وإن لم يكن الغرض