فيكون في الحقيقة تخصصا، كما أن النسخ إنما يكون نسخا باعتبار ظهور الحكم في الاستمرار، وإلا ففي الحقيقة لا يكون نسخا، لأن مورده إنما هو ما إذا انتهى أمد الحكم، وإلا فلا يجوز، بل يستحيل.
وبالجملة: فاستعمال الرفع والتخصيص والنسخ إنما هو باعتبار شمول الحكم المجعول قاعدة وقانونا لموارد هذه الأمور، وإلا ففي الحقيقة لا يكون هنا رفع وتخصيص ونسخ، بل دفع وتخصص وانتهاء أمد. فظهر صحة استعمال الرفع في المقام على كلا التقديرين، وهما تقدير إسناده إلى نفس العناوين، كما هو الظاهر، وتقدير إسناده إلى الأحكام المترتبة عليها، كما لا يخفى.
الأمر الثاني: في متعلق الرفع قد عرفت أن ظاهر الحديث إنما هو إسناد الرفع إلى نفس تلك العناوين المذكورة فيه، ومن الواضح أن ذلك يحتاج إلى تقدير، صونا لكلام الحكيم من اللغوية، إذ لا يمكن الحمل على ظاهره. وحينئذ فنقول: إنه قد وقع البحث في تعيين ما هو المقدر، فقيل: هي المؤاخذة، وقيل: هو أظهر الآثار، وقيل: هو جميع الآثار.
هذا، وذكر المحقق النائيني - على ما في التقريرات - أنه لا حاجة إلى التقدير أصلا، فإن التقدير إنما يحتاج إليه إذا توقف تصحيح الكلام عليه، كما إذا كان الكلام إخبارا عن أمر خارجي، أو كان الرفع رفعا تكوينيا، وأما إذا كان الرفع رفعا تشريعيا فالكلام يصح بلا تقدير، فإن الرفع التشريعي كالنفي التشريعي ليس إخبارا عن أمر واقع، بل إنشاء الحكم يكون وجوده التشريعي بنفس الرفع