وثالثا: إذا فرض ترتب حكم على الترك في الشريعة فلابد من أن يكون له ثبوت اعتباري في عالم التشريع، وإلا فلا يعقل أن يتعلق به الحكم، ويترتب عليه الأثر، وحينئذ فالحديث إنما يرفع هذا الثابت بالثبوت الاعتباري، والمصحح لإسناد الرفع إليه هو خلوه في عالم التشريع عن الحكم والأثر رأسا.
وبالجملة: فلاينبغي الإشكال في شمول الحديث لرفع التروك أيضا.
الأمر الرابع: في شمول الموصول للشبهات الموضوعية والحكمية إنما الكلام في شمول الموصول في قوله " ما لا يعلمون " للشبهات الحكمية وعدمه، فاعلم أنه قد يقال - كما قيل - باختصاصه بالشبهات الموضوعية (1): إما لأن المرفوع في الحديث هو خصوص المؤاخذة، والمؤاخذة على نفس الحكم مما لا يعقل.
وإما لأن وحدة السياق تقتضي ذلك، لأن المراد من الموصول في " ما استكرهوا عليه " وأخواته هو الموضوع، إذ لا يعقل الاستكراه - مثلا - على الحكم. ومقتضى وحدة السياق أن يكون المراد بالموصول في " ما لا يعلمون " أيضا هو الموضوع الذي اشتبه عنوانه، فلا يعم الشبهات الحكمية.
وإما لأن إسناد الرفع إلى الحكم إسناد إلى ما هو له، وإسناده إلى الفعل إسناد إلى غير ما هو له، ولا جامع بينهما حتى يمكن أن يراد من الموصول، وحينئذ فمع قطع النظر عن وحدة السياق ينبغي تخصيص الحديث بالشبهات الحكمية، لأن إسناد الرفع فيها إسناد حقيقي، إلا أن وحدة السياق اقتضت الحمل