كما أنه بناءا على ما سلكناه في وجه لزوم الفحص، من أن العقل يدل على ذلك، لا يكون الفحص في شئ من الموردين عما يزاحم الحجة.
وما افاده المحقق النائيني في وجه تقييد أدلة الأصول، يجرى بالإضافة إلى أصالة العموم: فان العقل كما يستقل بوجوب النظر إلى المعجزة، والا لزم اقحام جميع الأنبياء عليهم السلام، وبوجوب الفحص في مقام الرجوع إلى الأصول العملية، كذلك يستقل بوجوب الفحص في مقام التمسك بأصالة العموم، فالملاك لاستقلاله في كلا الموردين واحد، لان المكلف لو تمسك بأصالة العموم بدون الفحص عن المخصص، مع علمه بان بيان الأحكام الشرعية كان على نحو التدريج وبالطرق العادية المتعارفة لوقع المكلف في مخالفة تلك الأحكام كثيرا ولا يكون معذورا، لان العقل يرى أن وظيفته هي الفحص عن المخصص فتدبر.
الخطابات الشفاهية الفصل الثالث: هل الخطابات الشفاهية مثل: (يا أيها الذين امنوا) تختص بالحاضرين مجلس التخاطب أو تعم غيرهم من الغائبين بل المعدومين؟ فيه خلاف.
وقبل الخوض في بيان المقصود لابد من تعيين محل الكلام، قال المحقق الخراساني (ره) انه يمكن ان يكون النزاع في أن التكليف المتكفل له الخطاب هل يصح تعلقه بالمعدومين أم لا؟ أو في صحة المخاطبة معهم بل مع الغائبين عن مجلس الخطاب بالألفاظ الموضوعة للخطاب أو بنفس توجيه الكلام إليهم وعدم صحتها، أو في عموم الألفاظ الواقعة عقيب أداة الخطاب للغائبين بل المعدومين وعدم عمومها لهما بقرينة تلك الأداة انتهى.
أقول: لا اشكال في أن محل كلام القوم ليس هو الوجه الأول، إذ الظاهر أنه لا خلاف بينهم في أنه لا يصح توجيه التكليف الحقيقي بمعنى البعث أو الزجر الفعلي إلى المعدومين بل الغائبين، واما التكليف بمعنى الانشاء على نحو القضية الحقيقية فامكانه