فلو جاز الأول جاز الثاني مع أنه ممتنع جزما، فيمتنع الأول.
ويرد عليه: انه قد دلت الأدلة القطعية على أن الشريعة المقدسة قد كملت في زمان النبي (ص) وانه لا يتبدل شئ من الاحكام بعد موته، وان حلاله حلال إلى يوم القيامة و حرامه حرام كذلك، وهذه تدل على أن الخبر الدال على النسخ باطل وغير موافق للواقع وليس كذلك التخصيص، نعم إذا تضمن خبر الواحد نسخ حكم في زمان النبي (ص) نلتزم به ولا محذور فيه، فالمتحصل هو جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد.
دوران الامر بين التخصيص والنسخ الفصل الثامن: إذا ورد عام وخاص ودار الامر بين النسخ والتخصيص ففيه صور:
الأولى: ان يكون الخاص متصلا بالعام ومقارنا معه.
الثانية: ان يكون الخاص بعد العام قبل حضور وقت العمل به.
الثالثة: ان يكون الخاص بعد العام وبعد حضور وقت العمل به.
الرابعة: ان يكون العام بعد الخاص قبل حضور وقت العمل به.
الخامسة: ان يكون العام بعد الخاص وبعد حضور وقت العمل به.
اما الصورة الأولى: فلا ريب في كونه مخصصا لعدم معقولية النسخ لأنه عبارة عن رفع الحكم الثابت في الشريعة، والمفروض ان الحكم العام في العام المتصل بالمخصص غير ثابت فيها ليكون الخاص رافعا له، وبالجملة لا معنى معقول لجعل الحكم ورفعه في آن واحد.
واما الصورة الثانية: فقد يقال بعدم جواز التخصيص، فإنه يلزم منه تأخير البيان عن وقت الخطاب، ويرده ما سيأتي من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة فضلا عن تأخيره عن وقت الخطاب.
وفى الكفاية وعن المحقق القمي وصاحب المعالم وغيرهم من الأساطين، انه لا محيص من كونه مخصصا له وبيانا، واستدل له بوجهين: