فهذا الوجه الذي أساسه لحاظ فردية الأكثر للطبيعة كالأقل لا يفيد ما لم يقيد الأقل بعدم انضمامه إلى ما يتقوم به الأكثر، ومعه يرجع إلى الوجه الأول، الذي أساسه لحاظ ترتب الغرض على الأقل بشرط لا وعلى الأكثر، فالأظهر عدم معقولية التخيير بين الأقل والأكثر ولا يساعد الدليل على ذلك في مثل اذكار الركوع والسجود، والتسبيحة في الأخيرتين التي توهم انه في تلك الموارد يكون التخيير بين الأقل والأكثر، بل الظاهر منها ان الأقل واجب والزائد مطلوب استحبابا.
الواجب الكفائي الفصل العاشر: في الواجب الكفائي، وللأصحاب في بيان حقيقته مسالك:
الأول: كون الاختلاف بين الكفائي والعيني من ناحية الوجوب وهو الظاهر من الكفاية قال المحقق الخراساني (ره) والتحقيق انه سنخ من الوجوب وله تعلق بكل واحد بحيث لو أخل بامتثاله الكل لعوقبوا على مخالفته جميعا وان سقط عنهم لو أتى به بعضهم وذلك لأنه قضية ما إذا كان هناك غرض واحد حصل بفعل واحد صادر عن الكل أو البعض انتهى.
ويرد عليه انه ليس للوجوب حقائق مختلفة بل سنخ الكفائي هو سنخ العيني.
الثاني: كون الاختلاف بينهما من ناحية المكلف وهو الذي اختاره جمع من المحققين. منهم المحقق النائيني (ره) ومحصله انه كما أن الغرض من المأمور به، تارة يترتب على صرف وجود الطبيعة، وأخرى على مطلق وجودها، والأول منهما يستتبع حكما واحدا متعلقا بصرف وجود الطبيعة ويكفي في امتثاله الاتيان بفرد واحد، وهذا بخلاف الثاني فان المجعول في المورد الثاني احكام عديدة حسب ما للطبيعة من الافراد، ولا يكتفى في مقام الامتثال بايجاد فرد منها، كذلك يختلف الغرض بالإضافة إلى المكلف، إذ تارة يترتب على صدور الفعل من صرف وجود المكلف، وأخرى يترتب على صدوره من مطلق وجوده، وعلى الثاني يكون الوجوب عينيا، لا يسقط بفعل واحد