بيان المراد من العبادة الرابعة: في بيان المراد من العبادة التي وقع البحث في أن النهى عنها هل يقتضى الفساد، أم لا؟ وانما سيق هذا لأمر لبيان دفع ما قد يشكل في تصوير النهى عن العبادة، بان العبادة ليست الا ما يوجب القرب، فكيف يعقل النهى عنها.
والحق في الجواب ان العبادة على قسمين. الأول: ما يكون عبادة ذاتا وأدبا يليق الخضوع به، - وبعبارة أخرى - ما يكون ذاتا تخضعا وتذللا اظهارا للعبودية كالسجود.
الثاني: ما لا يكون كذلك.
اما القسم الأول: فتصوير النهى عن العبادة بذلك المعنى واضح.
نعم، هناك اشكال آخر وهو ان العبادة بهذا المعنى لا يصح النهى عنها، لأنها إذا كانت أدبا وحسنا ذاتيا، فالنهي عنها، انما يكون كالنهي عن الإطاعة، - وبعبارة أخرى - حسنها الذاتي مانع عن النهى.
ولكن يمكن دفعه بأنه ربما يكون في المكلف من الارجاس ما يوجب عدم كونه لايقا باظهار العبودية، فتكون العبادة منه قبيحة فيصح النهى عنها.
واما القسم الثاني: فقد قيل في مقام الجمع بين كونها عبادة ومنهيا عنها، وجوه:
أحدها: ما في الكفاية وهو ان المراد بالعبادة، ما لو تعلق الامر به كان امره أمرا عباديا لا يكاد يسقط الا إذا اتى به بنحو قربى كساير أمثاله، نحو، صوم العيدين، والصلاة في أيام العادة.
وفيه: ان هذا خلاف الظاهر فان ظاهر قولهم النهى عن العبادة هي الفعلية لا التقديرية، مع: ان فساد العبادة بهذا المعنى مستند إلى عدم المقتضى لا إلى النهى كما هو واضح.
ثانيها: ما في التقريرات وهو ما امر به لأجل التعبد به.
ثالثها: ما هو منسوب إلى غير واحد، وهو ما يتوقف صحته على النية.