الثاني: انه (قده) أفاد انه لا مجال لتوهم الاستدلال بالعمومات المتكفلة لاحكام العناوين الثانوية فيما شك من غير جهة تخصيصها، إذا اخذ في موضوعاتها أحد الأحكام المتعلقة بالافعال بعناوينها الأولية كما هو الحال في وجوب الوفاء بالنذر، وملخص ما ذكره ان العنوان الثانوي المأخوذ في موضوع الحكم الشرعي، قد يكون موضوعا لحكمه مطلقا، وقد يكون موضوعا له إذا كان العنوان الأولى للموضوع محكوما بحكم خاص، وان كان على النحو الثاني كما في النذر، فإنه موضوع لوجوب الوفاء إذا كان المنذور محكوما بحكم خاص، وكونه راجحا لا مطلقا، وشك في ثبوت ذلك الحكم الخاص، وهو رجحان المنذور في نفسه لا مورد للتمسك بالعموم، لأن الشك حينئذ شك في الموضوع ومعه لا مورد للتمسك بعموم الحكم، وان كان على النحو الأول، فان شك في ثبوت حكم العام للفرد، صح التمسك بالعموم لاثباته كما في العناوين الأولية، وحينئذ ان كان محكوما بعنوانه الأولى بغير حكمه بالعنوان الثانوي، وقعت المزاحمة بين المقتضيين، ويؤثر الأقوى منهما لو كان، والا لم يؤثر أحدهما ويحكم بحكم آخر كالإباحة إذا كان أحدهما مقتضيا للوجوب والاخر مقتضيا للحرمة.
أقول في كلا شقي كلامه نظر:
اما الأول: فلما مر من كون ذلك تمسكا بالعام في الشبهة المصداقية، وعليه، فما ذكره وان صح على ما بنينا عليه من عدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية مطلقا، لكنه لا يتم على مسلكه، بل عليه ان يقيد جوابه بأنه لا يجوز التمسك لو كان دليل اعتبار رجحان المنذور متصلا، أو منفصلا لفظيا، كما هو واضح.
واما الثاني: فلان المورد داخل في باب التعارض لا التزاحم، إذ العنوانان منطبقان على موجود فارد لا وجه للرجوع إلى مرجحات باب التعارض، وحيث إن النسبة بينهما عموم من وجه، فان كان دليل العنوان الثانوي حاكما على دليل العنوان الأولى، كما في لا ضرر بالنسبة إلى دليل الوضوء مثلا، فيقدم هو، والا فلا بد من اعمال قواعد التعارض بين العامين من وجه المذكورة في محله. مع، ان ما ذكره في المقام، ينافي ما اختاره، من عدم مزاحمة أدلة العناوين الأولية لأدلة العناوين الثانوية، وان التوفيق العرفي