انحل بعد العثور على المقدار المعلوم، الا ان العلم الثاني يمنع عن جريان الأصل في غير المقدار المتيقن.
وفيه: ان المعلوم بالاجمال إذا كان معنونا بعنوان غير مردد بنفسه بين الأقل والأكثر، صح ما ذكره، وأما إذا كان نفس ذلك العنوان المعلوم والعلامة المعينة مرددا بين الأقل والأكثر، وظفرنا بالمقدار المتيقن يجرى الأصل في الزايد، مثلا لو علمنا بنجاسة اناء زيد الموجود بين الإناءات، وتردد بين كونه اناءا واحدا أو أزيد، ثم علمنا بكون اناء خاص اناء زيد يجرى الأصل في غيره بلا مانع.
والمقام من هذا القبيل: فان العلم بوجود المخصصات في الكتب المعتبرة، وان كان علما بعنوان خاص وعلامة مخصوصة، الا ان ذلك العنوان امره بنفسه مردد بين الأقل والأكثر، فبعد العثور على المقدار المتيقن المعنون بذلك العنوان يكون الشك في المقدار الزايد شكا خارجا عن طرف العلم الاجمالي، فتحصل ان هذا الوجه أيضا لا يصلح ان يكون مستند الحكم بعدم جواز العمل بالعام قبل الفحص مطلقا، لأخصيته عن المدعى.
الخامس: ما افاده المحقق الخراساني (ره) وهو ان عمومات الكتاب والسنة بما انها في معرض التخصيص من جهة غلبة المخصصات لم يثبت استقرار سيرة العقلاء على العمل بها قبل الفحص لو لم ندع ثبوت عدمه.
وفيه: انه ان أريد بذلك، الأصل المحرز لكون الظاهر، هو المراد بالإرادة الاستعمالية، فيرد عليه ما تقدم من أن المخصص القطعي التفصيلي لا يكشف عن عدم كون الظاهر مرادا بالإرادة الاستعمالية ولا ينافيه فضلا عن العلم الاجمالي بوجود المخصصات - وبعبارة أخرى - يتم ذلك بناءا على احتياج استفادة العموم من أداته إلى اجراء مقدمات الحكمة في المدخول، إذ حينئذ يصح ان يقال حجية العمومات متقومة بجريان مقدمات الحكمة الكاشفة عن عدم دخل قيد في مراد المتكلم، فإذا علم بجريان عادة المتكلم على التعويل على القرائن انهدم أساس مقدمات الحكمة، ولكن قد عرفت عدم تمامية ذلك فراجع.