ثالثها: انه لو كان كل من الدليلين متكفلا للحكم الفعلي لوقع التعارض بينهما، فلا بد من ملاحظة مرجحات باب المعارضة، الا إذا جمع بينهما بحمل أحدهما على الحكم الاقتضائي، بملاحظة مرجحات باب المزاحمة.
وفيه: ان التوفيق العرفي انما يكون بملاحظة مرجحات باب الدلالة والمعارضة، لا بملاحظة مرجحات باب المزاحمة، لوضوح الفرق بين البابين، مع أن الحمل المزبور، لا يجدى في رفع غائلة اجتماع الأمر والنهي في شئ واحد لما مر ان اجتماع المصلحة، والمفسدة، والموثرتين، في المحبوبية والمبغوضية، غير ممكن.
واما ما أورده المحقق النائيني على ما افاده المحقق الخراساني ضابطا في المقام، بما حاصله، ان لازم ذلك عدم تحقق مورد للتعارض أصلا إذ انتفاء الملاك لا يمكن استكشافه من نفس الدليلين لعدم تكاذبهما في ذلك وانما يكون تكاذبهما في الوجوب والحرمة، ولو دل دليل من الخارج على انتفاء الملاك في أحدهما يكون ذلك من موارد اشتباه الحجة باللاجحة.
فيرد عليه أولا: ما ذكره المحقق الخراساني بقوله، فان انتفاء أحد المتنافيين كما يمكن ان يكون لأجل المانع مع ثبوت المقتضى له، يمكن ان يكون لأجل انتفائه، فعلى الامتناع وكون الدليلين في مقام بيان الحكم الفعلي يكون الدليلان متعارضين. وثانيا: انه لو علم من الخارج انتفاء الملاك في أحد الحكمين الموجب للعلم بكذب أحدهما بناءا على مسلك العدلية من تبعية الاحكام للمصالح والمفاسد يكون ذلك من باب التعارض، لا اشتباه الحجة باللاحجة كما حققناه في مبحث التعادل والترجيح.
بيان ما به يحرز كون مورد من قبيل التعارض أو من هذا الباب العاشر: ان المحقق الخراساني (ره) بعد ما بين في المقدمة الثامنة ضابط ما به يدخل مورد الاجتماع في هذا الباب قد تعرض لمقدمة أخرى، وغرضه من التعرض له بيان ما به يمكن ان يحرز به كون مورد من قبيل التعارض أو من هذا الباب.