التمسك بالعام مع معلومية الحكم بقى أمران، الأول: إذا علم أن فردا محكوم بحكم خلاف حكم العام، وشك في أنه من مصاديق العاف قد خصص العام به، أم لا؟ كما إذا علم أن زيدا لا يجب اكرامه، وشك في أنه عالم فقد خصص ما دل على وجوب اكرام كل عالم، أو جاهل يكون خروجه عنه تخصصا، فهل يجوز التمسك، بأصالة العموم، وأصالة عدم التخصيص، لاحراز عدم كونه من مصاديق العام، بحيث يترتب عليه ساير ما لغير موضوع العام من الاحكام أم لا؟ قولان.
فعن الشيخ الأعظم اختيار القول الأول، وهو الظاهر من جماعة من الفقهاء حيث تمسكوا، بما دل على طهارة ملاقي ماء الاستنجاء من الروايات على طهارة الماء نفسه بدعوى انه لو كان نجسا لصار سببا لنجاسة ملاقيه، أو كان مخصصا لعموم ما دل على أن الملاقى للماء النجس نجس، فبضم أصالة العموم في ذلك الدليل، بما دل على طهارة ملاقي ماء الاستنجاء يحكم بأنه طاهر.
ونظيره تمسك الأصوليين باطلاقات التخدير على مخالفة الامر (فليحذر الذين يخالفون عن امره) لاثبات ان الامر الندبي لا يكون أمرا حقيقيا.
والمحقق الخراساني في مبحث الصحيح والأعم ذهب هذا المسلك حيث استدل على كون الصلاة اسما لخصوص الصحيحة بالاخبار المتضمنة لترتب الآثار على الصلاة، ولكنه في المقام استشكل في جواز التمسك بأصالة العموم، وقد استدل للجواز بوجهين:
الأول: ان ظاهر مثل أكرم العلماء جعل الملازمة بين عنوان العالم، ووجوب الاكرام، فكما ان مقتضى طرد القضية ثبوت الحكم كلما ثبت الموضوع كذلك قضية عكسها انتفاء الموضوع كما انتفى الحكم.
وفيه: ان ظاهر القضية جعل الحكم من لوازم ثبوت الموضوع، لا التلازم من الطرفين.
الثاني: انه من القواعد المنطقية المسلمة انه من لوازم القضية الموجبة الكلية عقلا