ان حكمه كان على طبق العموم فيكون ناسخا، فلا معنى لجريان الاستصحاب.
فالصحيح في وجه تعين التخصيص ان يقال مضافا إلى ما مر من عدم جريان أصالة العموم في نفسها ان الأحكام الشرعية بأجمعها ثابتة في الاسلام في زمان النبي (ص) ولا نسخ بعده، وعليه فالاحكام التي بينها الأئمة المعصومين عليهم السلام هي الاحكام الثابتة من الأول لا من حين صدورها، فتكون العمومات والخصوصات بأجمعها كاشفة عن ثبوت مضامينها من الأول، وعليه فلا مناص من جعل الخاص مخصصا في جميع الصور لا ناسخا.
النسخ ثم انه لا بأس بصرف الكلام إلى ما هو الحق في النسخ، تبعا للأساطين.
فأقول: ان النسخ في اللغة رفع شئ واثبات غيره مكانه، وتحويل شئ إلى غيره وفى الاصطلاح هو رفع امر ثابت في الشريعة بارتفاع أمده وانتهاء، وان شئت قلت إنه البداء في التشريعيات.
وبذلك يظهر ان ارتفاع الحكم الفعلي بارتفاع موضوعه كارتفاع وجوب الصوم بانتهاء شهر رمضان، ليس من النسخ بشئ، بل النسخ هو رفع الحكم عن موضوعه المفروض وجوده في عالم التشريع والجعل.
والمشهور بين المسلمين امكانه، وخالفهم اليهود والنصارى، وقد استدلوا له: بان النسخ يستلزم أحد محذورين، اما عدم حكمة الناسخ، أو جهله، وكلاهما مستحيل في حقه تعالى.
: والوجه فيه ان الله تعالى حين ما جعل المنسوخ ان كان عالما بوجود المصلحة إلى الأبد فيلزم كون نسخه جزافا وعلى خلاف الحكمة، وان لم يكن عالما به بل كان جاهلا مركبا يعتقد وجود المصلحة ثم انكشف له عدمها كان جاهلا ولا ثالث: والجواب ، عن ذلك أولا: النقض بالتخصيص، فإنه يجرى فيه هذا البرهان فان الشارع الجاعل