ما يقتضيه الأصل في المقام الامر الثالث: إذا لم يثبت ترجيح لتقديم جانب النهى أو العكس، فقد أفاد المحقق الخراساني انه يجرى حينئذ أصالة البراءة عن الحرمة، ومعه لا مانع من الحكم بصحة الصلاة إذ المانع ليس الا الحرمة المرتفعة بالأصل وبعد ارتفاع الحرمة فهي قابلة للتقرب بها فتقع صحيحة ولا يتوقف جريان هذا الأصل على جريانها في موارد الشك في الاجزاء والشرائط لان المانعية في المقام أي وقوع الصلاة في المكان المخصوص ليست مانعية شرعية ليكون عدم حرمة المكان الخاص قيدا للصلاة بل مانعيتها عقلية ومن ناحية ان صحتها لا تجتمع مع الحرمة فالشك فيها لا يرجع إلى الشك بين الأقل والأكثر فلا يكون شكا مقرونا بالعلم بل شك بدوي.
ثم قال نعم لو قلنا بان المفسدة الواقعية الغالبة مؤثرة في المبغوضية ولو لم تكن الغلبة محرزة فأصالة البراءة غير جارية بل كانت أصالة الاشتغال بالواجب لو كان عبادة محكمة ولو قيل بأصالة البراءة في الاجزاء والشرائط لعدم تأتى قصد القربة مع الشك في المبغوضية.
وفى كلامه موقع للنظر.
الأول: انه في مورد تعارض العامين من وجه مع عدم الجمع العرفي بينهما - مسلكان - أحدهما: الرجوع إلى المرجحات السندية. ثانيهما: تساقط الاطلاقين والرجوع إلى العام الفوق أو الأصل، وما افاده من تصحيح الصلاة بأصالة البراءة لا يتم على شئ من المسلكين، اما على الأول: فلانه في المثال يقدم دليل الصلاة، لان دليل وجوبها الكتاب فيقدم على دليل الغصب وهو السنة، فالصلاة صحيحة للكتاب، لا لأصالة البراءة. واما على الثاني: فلانه بعد تساقط الاطلاقين وان لم يكن مانع عن صحة الصلاة الا انه لا مقتضى لها أيضا إذ المفروض ان مقتضيها اطلاق دليل الامر الساقط في الفرض - وبعبارة أخرى - انه بأصالة البراءة لا ترتفع الحرمة الواقعية، والمفروض