أقول انه بناءا على عدم اعتبار القدرة في متعلق التكليف، يكون الحكمان موجودين على الجواز من الجهة الأولى حتى مع عدم المندوحة، واما بناءا على اعتبارها في متعلق التكليف فبناءا على ما هو المعروف من كفاية الملاك المستكشف من الدليل المتكفل لبيان الحكم وان سقط هو للتزاحم، في التقرب، صحت العبادة على القول بالجواز من الجهة الأولى كانت المندوحة موجودة أم لم تكن، واما بناءا على ما هو الحق من عدم استكشاف الملاك من ذلك الدليل بعد سقوط الحكم فبناءا على تعلق الأوامر بالافراد، وجود المندوحة وعدمها سواء، فان القدرة على الامتثال بساير الافراد لا تجعل المجمع مقدورا، - وبعبارة أخرى - القدرة على ساير الافراد لا توجب صحة الامر بالمجمع، واما بناءا على تعلقها بالطبايع، فان قلنا بان تعلق الامر بالطبيعة السارية انما يصح في صورة القدرة على جميع الافراد والا فالمتعلق هي الطبيعة السارية في الافراد المقدورة فكذلك كما لا يخفى، نعم، على القول بتعلقها بالطبيعة وكفاية القدرة على بعض الافراد في صحة الامر بالطبيعة أين ما سرت يصح اخذ المندوحة إذ مع فرض وجودها لا تزاحم بين الأمر والنهي، واما مع انحصار الطبيعة في المجمع فيقع التزاحم بين الحكمين فتدبر فان ما ذكرناه حقيق به.
عدم ابتناء النزاع في المقام على تعلق الأوامر بالطبايع الثامن: قد يتوهم ان النزاع في الجواز والامتناع، يبتنى على القول بتعلق الاحكام بالطبايع، واما الامتناع على القول بتعلقها بالافراد فهو في غاية الوضوح، لأنه على تقدير القول بتعلقها بالافراد يكون الفرد الخارجي مصداقا للمأمور به والمنهى عنه معا ولم يقل أحد بجواز ذلك حتى القائل بالجواز فإنه انما يقول به بدعوى ان تعدد العنوان يوجب تعدد المعنون لا مطلقا فلا يعقل النزاع على هذا القول.
وقد يتوهم ان القول بالامتناع يبتنى على القول بتعلق الاحكام بالافراد لما مر والقول بالجواز يبتنى على القول بتعلقها بالطبايع فان الامر إذا تعلق بطبيعة والنهى بطبيعة