استقبال القبلة وعصيان الامر به، لان ترك استدبار الجدي حينئذ قهري، فالنهي عنه لغو محض وطلب للحاصل فلا يصدر من الحكيم، وكذلك لا يعقل ان يكون وجوب استقبال القبلة مشروطا بعصيان النهى عن استدبار الجدي والآتيان بمتعلقه، فان استقبال القبلة حينئذ ضروري الوجود فلا يعقل الامر به من الحكيم، فالمتحصل عدم امكان الترتب بين المتلازمين لا من جانب واحد ولا من جانبين.
وقد ظهر من مجموع ما ذكرناه جريان الترتب في الأقسام الأربعة من اقسام التزاحم بين الحكمين، وعدم جريانه في خصوص القسم الأخير.
واما موارد التزاحم بين الملاكين، فقد عرفت انه داخل في باب التعارض ولا معنى للنزاع في جريان الترتب فيها، وعليك بالتأمل التام فيما حققناه.
امر الآمر مع علمه بانتفاء شرطه الفصل السادس: في جواز امر الآمر بشئ مع علمه بانتفاء شرطه وعدمه، وذكر المحقق الخراساني (ره) في الكفاية انه لا يجوز لان الشرط من اجزاء العلة فيستحيل ان يوجد الشئ بدونه، الا ان يكون المراد من لفظ الامر، الامر ببعض مراتبه وهو مرتبة الانشاء، ومن الضمير الراجع إليه بعض مراتبه الاخر وهو الفعلية، فيكون النزاع في أن امر الآمر يجوز انشائه مع علمه بانتفاء شرط فعليته، وعدم بلوغه تلك المرتبة فاذن لا اشكال في جوازه بل وقوع ذلك في الشرعيات والعرفيات: لان الامر الصوري إذا كان الداعي له الامتحان أو نحوه لا البعث والتحريك حقيقة واقع في العرف والشرع.
وأورد عليه المحقق الأصفهاني (ره) بأنه لا يجوز الامر بشئ مع العلم بانتفاء شرط الفعلية، إذ الانشاء بداع البعث مع العلم بانتفاء شرط الفعلية غير معقول للغوية وبداع آخر لا يترقب منه البلوغ إلى مرتبة البعث الجدي، فلا مورد لدعوى العلم بانتفاء شرطها، ولا يدخل في العنوان، وبلا داع محال.
وأفاد المحقق النائيني (ره) ان هذه المسألة باطلة من أصلها لا في القضية الحقيقية