الفصل الخامس في اقتضاء الامر بالشئ للنهي عن ضده وعدمه وقبل الدخول في البحث لابد من تقديم مقدمات، الأولى هل هذه المسألة من المبادئ الأحكامية، أو من المبادئ التصديقية، أو من المسائل الأصولية، والفقهية فيه وجوه:
1 - انها من المبادئ الأحكامية، وهي المسائل التي تكون محمولاتها من عوارض الأحكام التكليفية أو الوضعية كتضاد الاحكام وملازمة بعضها لبعض، ومسألة الضد من هذا القبيل فإنه يبحث فيها عن ملازمة الامر بشئ للنهي عن ضده.
وفيه انه لا مانع من كون المسألة فيها جهتان يوجب كل منهما تعنونها بعنوان مستقل، وهذه المسألة كذلك لما ستعرف من وقوع نتيجتها في طريق الاستنباط.
2 - انها من المبادئ التصديقية، فان موضوع علم الأصول الأدلة الأربعة ومنها حكم العقل، والمراد به اذعان العقل بشئ، فلا محالة تكون المسألة الأصولية هي ما يبحث عن لواحق حكم العقل، واما ما يبحث فيه عن نفس حكم العقل فهو بحث عن ذات الموضوع، لا عن عوارضه وحيث إن المبحوث عنه في هذه المسألة الملازمة العقلية بين وجوب شئ وحرمة ضده، فهي من المبادئ التصديقية.
وفيه ما مر في أول الأصول من أن موضوع علم الأصول ليس هو الأدلة الأربعة بل المسألة الأصولية هي ما تقع نتيجتها في طريق الاستنباط كانت باحثة عن عوارض الأدلة الأربعة أم لم يكن ومسألة الملازمة بين الامر بالشئ والنهى عن شده من هذا القبيل.