الترجيح بالأهمية واما المورد الثاني: وهو ما كان كل من الواجبين مشروطا بالقدرة عقلا، فقد يكون أحدهما أهم، وقد يحتمل أهميته، وقد يكونان متساويين - فهيهنا فروض الأول، ما إذا كان أحدهما أهم من الاخر - فلا كلام ولا اشكال في أنه يقدم الأهم سواء كان الأهم مقارنا زمانا مع المهم، أو سابقا عليه، أو متأخرا عنه، اما في الأولين فواضح: لان المهم بالنسبة إلى الأهم يكون من قبيل المستحب بالنسبة إلى الواجب، فكما ان المستحب لا يصلح ان يزاحم مع الواجب كذلك المهم لا يصلح لان يزاحم الأهم، وان شئت قلت إن العقل الحاكم في باب الإطاعة والعصيان مستقل بتقديم الأهم - وبعبارة أخرى - ان التكليفين المتزاحمين لا يمكن ثبوتهما معا، ولا سقوطهما كذلك لكونه بلا موجب، فيدور الامر بين سقوط المهم، دون الأهم وبالعكس، والثاني غير معقول لكونه ترجيحا للمرجوح على الراجح، فيتعين الأول.
واما في الصورة الأخير: فلان الأهم وان كان متأخرا زمانا، الا ان ملاكه تام في ظرفه على الفرض، اما من جهة ان الواجب المعلق ممكن فيستكشف من الوجوب الفعلي تمامية الملاك أو من الاستفادة من الخارج، كما في حفظ النفس المحترمة وحفظ بيضة الاسلام، وأمثال ذلك على القول باستحالة الواجب المعلق كما عليه المحقق النائيني (ره) وعلى كل تقدير يجب حفظ القدرة عليه في وقته لئلا يفوت.
إذ العقل كما يستقل بقبح تفويت الواجب الفعلي كذلك يستقل بقبح تفويت الملاك الملزم في ظرفه، وعليه فحيث ان اتيان المهم فعلا يوجب تفويت ملاك الأهم في ظرفه، فلا يجوز فيكون وجوب حفظ القدرة عليه في زمانه الذي يحكم به العقل معجزا للمكلف بالإضافة إلى امتثال المهم بالفعل.
وعلى الجملة العقل الحاكم بالتقديم لا يفرق بين الموردين، فلو فرضنا انه دار الامر بين حفظ مال المؤمن في يوم الخميس، أو حفظ نفسه في يوم الجمعة