وعلى تقدير الامتناع يمكن ان يستدل لشمول الخطابات الشفاهية للمعدومين: بما في الكفاية وذهب إليه الأستاذ الأعظم، من أن أداة الخطاب حسب ما ندركه من مفاهيمها عند الاستعمال موضوعة للخطاب الانشائي، فصح شمولها للمعدوم والغائب، وانصرافها إلى الحقيقي وان كان لا ينكر، الا انه ما لم يمنع عنه مانع، كما هو موجود في كلام الشارع، ضرورة عدم اختصاص تلك الأحكام التي تضمنتها الجملات المصدرة بأداة الخطاب بالحاضرين مجلس التخاطب، إذ اختصاص الخطاب بالمدركين لزمان الحضور وان كان ممكنا ومحتملا، الا انه لم يحتمل أحد اختصاصه بالحاضرين مجلس الخطاب، وعليه فلابد من حمله على الخطاب الانشائي، فيشمل الخطاب المعدومين.
واما ما افاده المحقق النائيني (ره) في وجه الشمول في القضايا الحقيقية بعد تسليم امتناع خطاب المعدوم، بأنه يصح خطابه بعد التنزيل والعناية، بان يفرض المعدوم موجودا حاضرا ويخاطب معه، وهذا التنزيل مفروض في القضايا الحقيقية، ومقوم لكون القضية حقيقية، لا انه امر زايد، ليكون مدفوعا بالأصل إذ كون القضية حقيقية يقتضى بنفسه فرض الموضوع موجودا، فيكون الخطاب خطابا لما فرض وجوده من افراد الطبيعة في موطنه.
فغير سديد إذ مقوم القضية الحقيقية، فرض الموضوع موجودا وهذا المقدار لا يكفي في صحة الخطاب الحقيقي بل يحتاج إلى فرضه حاضرا، هو مما لا يقتضيه القضية الحقيقية، وبالجملة ملاك القضية الحقيقية جعل الحكم على الافراد المقدرة الوجود، وملاك الخطاب الحقيقي هو الحضور.
ثم انه قد استدل لعموم الخطابات القرآنية للمعدومين بإحاطته تعالى بالموجود في الحال والموجود في الاستقبال.
ويرد عليه، مضافا إلى أن عدم صحة خطاب المعدوم انما هو لقصور فيه لا في المخاطب بالكسر، فلا يلزم من عدم شمول خطاباته له نقضا فيه تعالى، ان خطابه تعالى من صفات فعله لا ذاته فعدم صلاحيته للشمول للمعدوم لا يوجب نقصا في الله تعالى.
وكون المعدوم موجودا في عالم آخر غير عالم المادة، ككونه في عالم الذر، أو في علمه تعالى، لا يصلح لان يكون سببا لصحة المخاطبة معه بالخطاب بالألفاظ وغيرها