بحيث يصح اتكال المتكلم عليه في مقام بيان مراده مثل أكرم العلماء الا الفساق منهم إذا افترضنا ان لفظ الفاسق يدور امره بين خصوص مرتكب الكبيرة أو الأعم منه و من المرتكب للصغيرة فلا محالة يسرى اجماله إلى العام.
واما فيما نحن وهو ما إذا كان الكلام متكفلا لحكمين متغايرين كما في الآية الكريمة، حيث إن الجملة المشتملة على العام متكفلة لبيان حكم، وهو لزوم التربص والعدة، والجملة المشتملة على الضمير متكفلة لبيان حكم آخر، وهو أحقية الزوج بالرجوع إلى الزوجة في أثناء العدة، والحكم الأول ثابت لجميع افراد العام، والثاني ثابت لبعض افراده، ومن الواضح انه لا صلة للثاني بالأول كي يكون قرينة على اختصاص الحكم الأول أيضا، وعلى الجملة لا تمانع بين عمومه الحكم الأول واختصاص الحكم الثاني، حتى يكون الثاني قرينة على الأول، فأصالة العموم أيضا تكون جارية.
ثم انه بعد جريان كل من الأصلين في أنفسهما، يقع الكلام في أنه، هل يكون بينهما تعارض حتى يرفع اليد عن أحدهما، أم لا؟ الظاهر هو الثاني، إذ مقتضى أصالة عدم الاستخدام إرادة العموم، لا الخصوص بالإرادة الاستعمالية، لا بالإرادة الجدية كي يقال ان المراد معلوم فلا يجرى أصالة عدم الاستخدام - وبعبارة أخرى - انه لا تمانع بين الأصلين، فان أصالة العموم تقتضي كون المراد بالعام هو العموم، وأصالة عدم الاستخدام لا يقتضى الا كون المراد من الضمير بالإرادة الاستعمالية هو ما أريد من مرجعه، لا ان المراد بالإرادة الجدية هو ذلك.
نعم، بعد جريانها في ساير الموارد يجرى أصل آخر وهو مطابقة المراد الاستعمالي مع المراد الجدي، وعليه، فهذا الأصل لا يجرى في المقام، لا انه لا تجرى أصالة عدم الاستخدام نفسها، فالأصلان الطوليان الجاريان في ناحية العام وهما، أصالة العموم، وأصالة مطابقة المراد الجدي للمراد الاستعمالي، لا معارض لهما، إذ أصالة عدم الاستخدام المعينة لان المراد الاستعمالي في الضمير هو جميع الافراد تجرى ولا تنافى شيئا منهما، واما الأصل الطولى لهذا الأصل، وهو أصالة مطابقة المرادين، فهو لا يجرى لمعلومية المراد الجدي.