أصلا، فإنه يقال إلى أن قال إن كثرة إرادة المقيد لدى اطلاق المطلق، ولو بدال آخر ربما تبلغ بمثابة توجب له مزية انس كما في المجاز المشهور أو تعيينا واختصاصا به كما في المنقول بالغلبة انتهى.
حمل المطلق على المقيد الفصل الثالث: إذا ورد مطلق ومقيد فاما ان يختلف حكمهما بمعنى كون المحكوم به فيهما مختلفين، مثل (أطعم يتيما، وأكرم يتيما هاشميا) أو يتحد حكمهما، مثل (أطعم يتيما، أطعم يتيما هاشميا) ومحل الكلام هو الثاني.
اما الأول: فلا يحمل المطلق على المقيد اجماعا الا عن أكثر الشافعية، وقد نقل عنهم حمل اليد في آية التيمم على اليد في آية الوضوء، فقيدوها بالانتهاء إلى المرفق لاتحاد الموجب وهو الحدث، واشكاله ظاهر لأنه يرجع إلى اثبات العلة والعمل بالقياس.
واما على الثاني: فقد يكون المقيد مخالفا للمطلق في الحكم مثل (أعتق رقبة ولا تعتق رقبة كافرة) وآخر يكون موافقا له مثل (أعتق رقبة، واعتق رقبة مؤمنة) وعلى الأول فقد تسالم الأصحاب فيه على حمل المطلق على المقيد، وعلى الثاني فالمشهور الحمل والتقييد، وذهب جماعة منهم إلى أنه يحمل المقيد على أفضل الافراد.
ولكن الظاهر أنه لا وجه للفرق بين القسمين، لما مر في العام والخاص، من أن الوجوب إذا تعلق بالطبيعة ربما يكون تطبيقها على مورد مباحا، كما في الصلاة في الدار، وربما يكون مستحبا، كما في الصلاة في المسجد وربما يكون واجبا، كما في الصلاة في محل نذر ان يأتي بها فيه، وربما يكون مكروها، كما في الصلاة في الحمام، وعلى ذلك فكما يمكن ان يقال انه إذا ورد مطلق مقيد مثبتين، مثل (أعتق رقبة، واعتق رقبة مؤمنة) انه يحمل الامر في المقيد على الاستحباب، فلا وجه لحمل المطلق على المقيد، كذلك يمكن ان يقال انهما إذا كانا مختلفين، كما في (أعتق رقبة، ولا تعتق رقبة كافرة) يحمل النهى على الكراهة فيكون عتق الكافرة أردأ الافراد، كما أن عتق المؤمنة في الأول أفضل