- وبعبارة أخرى - بعد كون الملكية من الأمور الاعتبارية وهي خفيفة المؤنة فكما يمكن اعتبار ملك المعدوم إذا دعت المصلحة إلى اعتبارها، كذلك يمكن اعتبارها للمعدوم و ليست الملكية كالطلب الحقيقي، ولكن الامر في الوقف ليس كما أفاد من جهة ان الشئ الواحد لا يقبل لان يكون ملكا للموجود وللمعدوم بالاستقلال.
وان كان النزاع على الوجه الثاني فقال المحقق الخراساني انه لا ريب في عدم صحة خطاب المعدوم بل الغائب حقيقة وعدم امكانه ضرورة عدم تحققه توجيه الكلام نحو الغير حقيقة الا إذا كان موجودا وكان بحيث يتوجه إلى الكلام ويلتفت إليه انتهى.
أقول: الأقسام الثلاثة المتقدمة في الطلب تجرى في الخطاب أيضا، فإنه ربما يكون خطابا انشائيا، فيصح خطاب المعدوم فضلا عن الغائب، وأخرى يكون خطابا حقيقيا، و هو على قسمين: الأول: ان يخاطب المعدوم بغرض التفهيم فعلا، الثاني: ان يخاطبه بغرض التفهيم في ظرف وجوده والتفاته. اما القسم الأول فهو ممتنع بالنسبة إلى الغائب والمعدوم، واما الثاني فهو ممكن، ويكون هذا بعينه كخطاب النائي في المكاتبات والمصنفات، فكما انه ربما يقصد المتكلم تفهيم المخاطب حين ما وصل إليه الخطاب لا من حين صدوره كما إذا فرضنا ان المخاطب نائم، أو كان في بلد آخر فيكتب له كتابا و يخاطبه بخطاب ليعمل عملا بعد قيامه من النوم أو مجيئه من السفر، أو يخاطب ولده الصغير بقوله يا ولدى إذا كبرت فافعل كذا، أو نحو ذلك فكذلك يمكن ان يكون المقصود بالتفهيم من الخطابات الواردة في الكتاب جميع البشر إلى يوم القيامة.
واما النزاع على الوجه الثالث: وهو عموم الألفاظ الواقعة عقيب أداة الخطاب للغائبين والمعدومين وعدم عمومها لهما، بمعنى انها هل وضعت للخطاب الانشائي، فيشمل المعدومين، أو للخطاب الحقيقي فلا يشمل الغائبين، فضلا عن المعدومين، فهو يبتنى على اختيار جواز تكليف المعدوم، وامتناع المخاطبة معه، اما على فرض اختيار جواز مخاطبة المعدوم بالخطاب الحقيقي فلا يبقى لهذا النزاع مجال، إذ على فرض كون الأداة موضوعة للخطاب الحقيقي أيضا يجتمع مع عموم المتعلق، وحيث عرفت امكانها فالأظهر هو شمول الخطابات الشفاهية للمعدومين أيضا.