وان أريد به الأصل المحرز لكون المراد الجدي منطبقا على المراد الاستعمالي، فيرد عليه: انه لم يظهر وجه دعوى التفصيل، بين كون العام في معرض التخصيص و عدمه، نعم، بناءا على اعتبار الظن الفعلي في حجية أصالة العموم يتم ذلك، لكنك عرفت فساد المبنى.
فالحق ان يستدل لوجوب الفحص بحكم العقل بذلك: فإنه يستقل بوجوب الفحص عن الأحكام الشرعية جريا على طبق قانون العبودية والمولوية، إذ ليس وظيفة الشارع ايصال احكامه إلى المكلفين بأي نحو كان بل وظيفته بيان الاحكام، وجعلها في معرض الوصول إليهم بحيث لو تفحصوا عنها لعثروا بها، ووظيفة العبد حينئذ الفحص عنها في مظان وجودها، بمعنى انه لو لم يفحص عنها وكانت ثابتة وعاقبه المولى على مخالفتها جاز له ذلك، ويشهد له مضافا إلى ذلك الأدلة الدالة على وجوب التعلم مقدمة للعمل.
واما المورد الثاني: ففي الكفاية ان مقدار الفحص اللازم ما به يخرج عن المعرضية له، والظاهر أن مراده بذلك ليس ما هو ظاهره، إذ العمومات التي تكون معرضا للتخصيص لا تخرج عن المعرضية بالفحص عن المخصص، إذ الشئ لا ينقلب عما هو عليه، بل مراده ان المقدار الواجب هو ما يحصل به الاطمينان بعدم وجود المخصص في مظانه، دون الزايد عليه، لان الاطمينان حجة عقلائية، كما أنه لا يجوز الاقتصار على ما دونه يعنى الظن، لعدم الدليل عليه والظن لا يغنى من الحق شيئا.
واما المورد الثالث: ففي الكفاية الظاهر عدم لزوم الفحص عن المخصص المتصل باحتمال انه كان ولم يصل، بل حاله احتمال قرينية المجاز، وقد اتفقت كلماتهم على عدم الاعتناء به مطلقا ولو قبل الفحص عنها.
وأفاد المحقق الأصفهاني (ره) توجيها لذلك بان الفارق عليه المعرضية للتخصيص بالمنفصل، ولا غلبة للاحتفاف بالمتصل، فلا يبقى الا احتمال احتفافه بالمخصص والظهور حجة على عدمه.
ولكن بعد ما عرفت من أن وجه لزوم الفحص عن المخصص ليس هي المعرضية،