وانما الكلام في هذه الجهة متمحض في أنه بناءا على كفاية الملاك و وجود الكاشف عنه غير الامر، هل النهى الغيري يصلح للمانعية أم لا؟ والأظهر هو صلاحيته لذلك، وكونه مقتضيا للفساد: إذ النهى الغيري وان لم يكن ناشئا عن المفسدة والمبغوضية، الا انه مانع عن التقرب بالملاك والمحبوبية إذ التقرب به انما يكون، لأجل كونه مورد الاشتياق المولى والمولى يحب وجوده في الخارج، ومع فرض نهى المولى و تسبيبه إلى اعدام الفعل لا محالة لا يمكن التقرب بذلك الملاك - وبعبارة أخرى - الملاك الذي مع وجوده يسبب المولى إلى اعدامه لا يصلح للمقربية، مضافا، إلى ما تقدم من أن مخالفة التكليف الغيري أيضا توجب العقاب فراجع ما ذكرناه.
واما ما قيل من أن النهى الغيري وان لم يوجب الفساد الا انه لأجل افضائه إلى ترك محبوب أهم لا يمكن التقرب به - فغير سديد - إذ عدم استيفاء المصلحة المتحققة في فعل لا يصلح ان يكون مانعا عن التقرب بما في فعل آخر من المصلحة.
الاتيان بالعبادة مع عدم الامر الجهة الثالثة: في أنه على القول بعدم الامر بالواجب الموسع المزاحم بالواجب المضيق أو المهم مع مزاحمته بالأهم ولو بنحو الترتب، هل هناك طريق إلى الحكم بالصحة والاجزاء، أم لا؟ ونخبة القول فيها ان القول بالصحة والاكتفاء به يتوقف على مقدمتين: إحداهما: كون الفرد المزاحم الساقط امره واجدا للملاك كساير الافراد ثانيتها:
الاكتفاء بذلك في صحة العبادة.
اما المقدمة الثانية: فقد مر الكلام فيها، في مبحث التعبدي والتوصلي، وعرفت عدم كفاية قصد الملاك والمصلحة في صحة العبادة وفى المقام ذكر المحقق الخراساني (ره) كلاما، صار ذلك عويصة لمن تأخر عنه قال، نعم فيما إذا كانت موسعة، وكانت مزاحمة بالأهم في بعض الوقت لا في تمامه، يمكن ان يقال انه حيث كان الامر بها على حاله، وان صارت مضيقة بخروج