فيه يكون نسبته إليهما على حد سواء، فلا يصح الاخذ بإحداهما دون الأخرى، واما في المخصص اللبي فالحجة الملقاة من المولى حجة واحدة، لابد من اتباعها وعدم رفع اليد عنها الا بمقدار القطع الحاصل من تلك المقدمات، ومعلوم ان القطع بالعنوان لا يسرى إلى المصاديق المشكوك فيها فهي مما يعلم عدم كونها موضوعا للحجية فبالنسبة إليها ليس في البين حجة على خلاف العام واقعا، فلا يجوز رفع اليد عن العام لأنه بلا وجه.
وفيه: أولا انه على هذا الوجه لا مورد للفرق بين ما هو كالمتصل وغيره، إذ في القسم الأول أيضا يجرى هذا البرهان بعينه، وبه يحرز عدم كون المشكوك فيه من افراد الحجة على خلاف العام، فلا وجه لدعوى عدم انعقاد ظهور للعام في العموم. وثانيا:
انه (قده) سيصرح في مبحث الاستصحاب بسراية العلم إلى الخارج، وعليه، فلو كان العلم متعلقا بعنوان واحتمل انطباق ذلك العنوان على الفرد الخارجي، يحتمل كونه موضوعا للعلم مثلا، لو علم بحرمة اكرام الفاسق، واحتمل كون زيد فاسقا يحتمل كونه موضوعا لما علم حرمة اكرامه، وعلى ذلك فلا فرق بين المخصص اللفظي واللبي. وثالثا: ان المخصص اللبي كاللفظي يوجب تقييد المراد الواقعي، وعدم كون الموضوع الواقعي هو العام بما هو بل مقيدا بقيد خاص، ففي الافراد المشكوك فيها، وان كان عدم حجية الخاص معلوما، الا ان دخولها في موضوع ما هو حجة من مفاد العام غير معلوم، فلا يمكن التمسك به.
ثانيها: ان الفرق بين الموردين يظهر من عدم صحة مؤاخذة المولى، إذا ورد (أكرم جيراني) ثم قال (لا تكرم أعدائي من جيراني) لو لم يكرم واحدا من جيرانه لاحتمال عداوته، وهذا بخلاف ما إذا لم يرد الخاص بل علم من الخارج انه لا يريد اكرام أعدائه من جيرانه، وشككنا في عداوة بعض جيرانه ولم يكرمه فإنه يستحق المؤاخذة حينئذ على ترك اكرامه.
ويرد عليه ان ذلك دعوى لا شاهد لها، بل بنظر العقلاء الذي هو المعيار في هذا الباب، لا فرق بين الموردين أصلا.