ثالثها: ما ذكره بقوله وبالجملة كان بناء العقلاء على حجيتها بالنسبة إلى المشتبه هيهنا بخلافه هناك، وهذه أيضا دعوى بلا بينة ولا شاهد.
رابعها: ما ذكره في التقريرات، ومنها اخذ المحقق الخراساني، وذكره في آخر كلامه، وحاصله ان الرجوع إلى العام فيما إذا كان المخصص لبيا، يوجب رفع الشك عن المصداق المشتبه للخاص، فيقال في مثل (لعن الله بنى أمية قاطبة) ان فلانا وان شك في ايمانه يجوز لعنه، لمكان العموم وكل من جاز لعنه لا يكون مؤمنا فينتج انه ليس بمؤمن.
ويرده، انه إذا ورد عام مثل (لعن الله بنى أمية قاطبة) فتارة يعلم أن في بنى أمية مؤمنين، وأخرى يشك في ذلك، وما افاده يتم في الفرض الثاني، و محل الكلام هو الفرض الأول الذي يعلم بعدم بقاء العام على ظهوره في العموم، وورد التخصيص عليه، غاية الامر انه مردد بين الأقل والأكثر. فتدبر.
ثم إن المحقق النائيني اختار تفصيلا آخر فيما إذا كان المخصص لبيا، وهو ان ما يسمى بالمخصص العقلي أي المخصص غير اللفظي، ان كان بمعنى ما يوجب تقييد موضوع الحكم وتضييقه نظير تقييد الرجل في قوله (ع) (فانظروا إلى رجل قد روى حديثنا) الخ، بكونه عادلا لقيام الاجماع على ذلك، فحاله حال المخصص اللفظي، وأما إذا كان بمعنى ادراك العقل ما هو ملاك حكم الشارع، غير الصالح لتقييد الموضوع، إذ الملاك هو ما يترتب على الفعل المتأخر عن الحكم المتأخر عن وجود الموضوع، كما في قوله (ع) (لعن الله بنى أمية قاطبة) مع حكم العقل بان ملاك لعنهم انما هو بغضهم لأهل البيت عليهم السلام، فالمؤمن منهم على تقدير وجوده كخالد بن سعيد لا يشمله اللعن المزبور، فيجوز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، وذلك، لان احراز كون الملاك في جميع افراد العام انما هو من وظائف المولى إذ لا يصح له القاء العام الا مع احراز ذلك، ولو فرض العلم بعدم وجود الملاك في بعض الافراد لابد من حمل كلام الشارع الأقدس على أنه لم يبينه لمصلحة هناك اقتضت ذلك، وأما إذا شك في وجود الملاك وعدمه فنفس العموم يصلح لان يكون كاشفا عن وجوده في الفرد المشكوك فيه إذ مع عدم احرازه وجود الملاك في المشكوك فيه لما كان يلقى كلامه بنحو يشمله.