يؤخذ بالمقتضى، لأوله إلى الشك في وجود مزاحم لما هو حجة عليه في نفسه، فهو يرجع إلى الوجه الأول الذي عرفت ما فيه، وان المخصص يوجب قصر حجية العام على غير مورد الخاص.
وان أريد به ما يرجع إلى مقام الثبوت، بتوهم ان عنوان العام مقتض، و عنوان الخاص مانع عنه، فيرد عليه مضافا إلى أنه لا دليل على هذه القاعدة من العقل أو الشرع، انه يمكن ان يكون في الواقع المقتضى قاصرا عن الشمول للافراد التي تنطبق عليها عنوان الخاص - وبعبارة أخرى - يكون المقتضى في الافراد التي لا ينطبق عليها عنوان الخاص.
فتحصل: ان الأظهر عدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية إذا كان المخصص لفظيا.
واما ما عن التقريرات من الاحتجاج له بالاستصحاب فيما لو عمل بالعام في المشكوك بواسطة القطع باندراجه ثم طرأ الشك فيه، فهو على فرض جريانه تمسك بالأصل، لا بالعام.
واما المقام الثاني: وهو ما إذا كان المخصص لبيا، فقد عرفت ان الشيخ ذهب إلى التمسك بالعام في الشبهة المصداقية فيه مطلقا.
واختار المحقق الخراساني التفصيل بين ما إذا كان المخصص واضحا بمثابة صح للمتكلم ان يتكل عليه في مقام التخاطب، كما إذا كان من الاحكام الضرورية العقلية، فهو حينئذ كالمتصل، فلا يجوز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية لأنه حينئذ يكون كالقرينة المتصلة الموجبة لصرف الكلام عن العموم إلى الخصوص، وبين ما إذا لم يكن كذلك كما إذا كان حكما نظريا موقوفا ثبوته على مقدمات أو اجماع فيجوز.
وقد ذكر في وجه الجواز والفرق بينه وبين المخصص اللفظي وجوها، أحدها: انه إذا ورد عام، كقولنا (أكرم كل عالم) ورود من الشارع مخصص لفظي كقولنا (لا تكرم الفساق منهم) تكون الحجة الملقاة من المولى إلى عبده اثنتين. إحداهما العام، والأخرى الخاص. والخاص انما يوجب رفع اليد عن حجية العام بمقدار مدلوله، فالفرد المشكوك