صحة السلب والحكم بالتضاد، وذلك أن المستعلم لحدود معنى المشتق إذا لم يكن له بعد التفات تفصيلي إلى ذاك الحد من مفهومه فراجع علمه الارتكازي ووجد صحة السلب عن المنقضي عنه المبدأ، أو أن ذهنه لا يقبل صدق الأسود والأبيض على مورد واحد في زمان واحد لم يبق له شك في أن حد هذا المعلوم الارتكازي إنما هو خصوص المتلبس بالمبدأ، وظهر له تفصيلا ما كان معلوما عنده إجمالا وارتكازا، ولا حاجة له في هذا الانكشاف المستند إلى العلم الارتكازي إلى سبق التبادر إلى خصوص المتلبس تفصيلا كما لا يخفى.
كما قد يورد على كل منها بأنها لعلها مستندة إلى الانصراف، انصراف المطلق إلى بعض المصاديق، مع أنه موضوع لما يعم جميعها.
والجواب الصحيح: هو دعوى وضوح أن كلا منها مستند إلى العلم الارتكازي المتعلق بما يفهم من حاق اللفظ، بلا أي قرينة متصورة، ولا انصراف أصلا.
وأما الجواب عنه - كما في الكفاية - بأن احتمال الاستناد إلى الانصراف إنما يجئ لو كان إطلاق المشتق في موارد الانقضاء قليلا شاذا، فإنه الموجب لابتعاد الذهن عنه وانصرافه إلى غيره، مع أن استعمال المشتق في موارد الانقضاء كثير لو لم يكن أكثر من موارد استعماله في خصوص المتلبس (1).
فهو وإن لم يكن به بأس بنفسه إلا أنه ينقضه ما أفاده في ذيل الكلام من أن استعماله في موارد الانقضاء لعله بلحاظ حال التلبس ومن باب حكاية ما مضى بل ارتفع، وقال: " لا وجه لاستعماله وجريه على الذات مجازا وبالعناية وملاحظة العلاقة " (2).
ووجه هذا النقض: أنه إذا سلمتم احتمال أن يكون استعماله في تلك الموارد الكثيرة استعمالا في خصوص المتلبس بالمبدأ فقد سلمتم احتمال عدم إطلاق المشتق أصلا على ما انقضى عنه المبدأ، وهو يؤكد احتمال الانصراف المذكور في