لوازم الماهية تكوينها إنما يكون بتكوين الماهية، فعلية العلة وسببية السبب كوجوب الواجب وإمكان الممكن إنما تكون من خارج المحمول، تنتزع عن مقام الذات، ليس لها ما بحذاء، لا في وعاء العين، ولا في وعاء الاعتبار، فالعلية لا تقبل الإيجاد التكويني فضلا عن الانشاء التشريعي (1)، هذا ما ذكره بعض أعاظم العصر رحمه الله في وجه عدم إمكان جعل السببية.
وفيه: مضافا إلى خلطه بين لوازم الماهية ولوازم الوجود، وخلطه بين المحمول بالضميمة وخارج المحمول، وخلطه بين السببية، أي الخصوصية التي يصير المبدأ بها مبدأ فعليا للمسبب، وبين الرشح والإفاضة أي المسبب بما أنه مسبب أنه خلط بين الأسباب التكوينية والأسباب التشريعية، وقاس التشريع بالتكوين بلا وجه، فإن نحو السببية التكوينية سواء كانت بمعنى مبدئية الإفاضة، أو نفس الرشح والإفاضة لا يكون في التشريعيات مطلقا، فلا يكون العقد مترشحا منه الملكية أو الزوجية، والتحرير مترشحا منه الحرية، كما لا تكون في العقود والإيقاعات خصوصيات بها تصير منشأ لحقائق المسببات:
أما عدم المنشئية لأمر حقيقي تكويني فواضح.
وأما عدم صيرورتها منشأ حقيقيا للاعتبار، فلأن الاعتبارات القائمة بنفس المنشئ أو العقلاء أو الشارع، لها مناشئ تكوينية، لا تكون العقود والإيقاعات أسبابا لتكونها فيها، فالسببية للأمور التشريعية والاعتبارات العقلائية إنما هي بمعنى آخر غير السببية التكوينية، بل هي عبارة عن جعل شئ موضوعا للاعتبار.
فالمقنن المشرع إذا جعل قول الزوج: " هي طالق " - مع الشرائط المقررة في قانونه - سببا لرفع علقة الزوجية يرجع جعله وتشريعه إلى صيرورة هذا الكلام مع الشرائط