الواقعية في زمان الشك، ومفاد الدليل الظني كخبر الواحد هو الطهارة الواقعية، فلا يتوافق مضمونهما ولا رتبتهما.
نعم: من ذهب إلى أن الاستصحاب من الأصول المحرزة، وأن مفاده هو الحكم بوجود المستصحب، أو العمل به على أنه هو الواقع (1) لابد له من الذهاب إلى ترجيحه بالدليل الظني غير المعتبر، لوحدة مضمونيهما، بل رتبتيهما أيضا.
ولذا ذهب صاحب هذا القول إلى عدم جريان الاستصحاب في أطراف العلم الاجمالي - ولو لم يلزم منه مخالفة عملية - قائلا: إنه كيف يعقل الحكم ببقاء النجاسة مثلا في كل واحد من الإناءين مع العلم بطهارة أحدهما؟! ومجرد أنه لا تلزم من الاستصحابين مخالفة عملية لا يقتضي صحة التعبد ببقاء النجاسة في كل منهما، فإن الجمع في التعبد ببقاء مؤدى الاستصحابين ينافي ويناقض العلم الوجداني بالخلاف (2) انتهى.
فإن المناقضة بين العلم الوجداني ومؤدى الاستصحابين لا تمكن إلا أن يكون متعلقهما واحدا، ومع وحدة المتعلق والمناقضة بين المفادين يتقوى أحدهما بالآخر إذا كانا متوافقي المضمون، ولا يكون محذورا آخر، ومتعلق العلم الوجداني عين متعلق الظن الغير المعتبر، فإذا كان مؤدى الاستصحابين مناقضا للعلم يكون مناقضا للظن في صورة التخالف، وموافقا في غيرها، ومع توافق مضمونهما ومتعلقهما لا وجه لعدم تقوي أحدهما بالآخر، وعدم ترجيحه به.
وبالجملة: إن كان مفاد الاستصحاب هو البناء العملي ولزوم ترتيب أثر الواقع على المؤدى لا يكون مناقضا للعلم الوجداني المتعلق بالواقع، فلا وجه لعدم جريانه في