التمسك بدليل طهورية التراب، وحرمة مغلي عصير العنب لإثبات الحكم لهما، ولو بنينا على أخذ موضوع القضية المتيقنة والمشكوك فيها من الدليل لا يجري الاستصحاب أيضا لتغير الموضوع، وعدم اتحاد القضية المتيقنة والمشكوك فيها.
وأما لو كان الاتحاد بنظر العرف، فجريانه مما لا مانع منه، لإن هذا الآجر والخزف الخارجيين كانا معلومي الحكم قبل طبخهما، وبواسطة طبخهما لم يتغيرا إلا تغيرا عرضيا، وكذا العنب الخارجي إذا يبس وصار زبيبا يكون عين الموضوع المتيقن، وليست اليبوسة مغيرة له إلا في حاله وعرضه.
وهذه التغيرات العرضية لا تنافي وحدة الموضوع الخارجي، وإن لم تصدق معها على الموضوع العناوين الكلية، فالتراب غير الآجر بحسب العنوان الكلي المأخوذ في الدليل، والعنب غير الزبيب كذلك، لكن التراب والعنب الخارجيين إذا طبخا ويبسا لا يتغيران إلا في الحالات الغير المضرة ببقاء موضوع القضية المتيقنة في زمان الشك.
فإذا قال المولى: " أكرم العلماء والشعراء " واحتملنا كون العنوانين واسطة في الثبوت، ومن كان عالما وشاعرا في زمان يجب إكرامه مطلقا، فلا إشكال في أن الدليل قاصر عن إيجاب الإكرام إذا صار العالم جاهلا، والشاعر غير شاعر، كما أنه لا إشكال في أن موضوع الدليل غير باق، فلا مجال لجريان الاستصحاب فيما إذا اخذ موضوع القضية المستصحبة من الدليل.
وأما لدى العرف فيكون زيد وعمرو واجبي الإكرام، لكون الأول مصداق العالم، والثاني مصداق الشاعر، وعنوان " العالم " و " الشاعر " وإن كانا مختلفي المصاديق مع العنوان المقابل لهما، ولكنهما من الحالات العارضة للأفراد الخارجية، والموضوعات المتحققة، فإذا زال عنوان العالمية من زيد، والشاعرية من عمرو، وشك في إكرامهما، للشك في أن العنوانين من الوسائط الثبوتية أو العروضية يجري الاستصحاب فيهما،