موضوعه تلك الأمور لا المتيقن، ومعنى (لا ينقض اليقين بالشك) بناء عليه أن رتب آثار المتيقن على المشكوك فيه، والفرض أنه لم يتعلق اليقين إلا بنفس المتيقن، فإذا تعلق اليقين بحياة زيد دون نبات لحيته، وشك في بقائها، يكون التعبد بلزوم ترتيب الأثر بلحاظ أثر المتيقن، وهو ما يترتب على الحياة المتيقنة، لا ما ليس بمتيقن كنبات اللحية، فإن التنزيل لم يقع إلا بلحاظ المتيقن والمشكوك فيه. وذلك من غير فرق بين الآثار المترتبة على الوسائط الشرعية والعادية والعقلية.
وليس ذلك من جهة انصراف الأدلة عن الآثار الغير الشرعية (1)، أو عدم إطلاقها (2)، أو عدم تعقل جعل ما ليس تحت يد الشارع (3)، كما ذهب إلى كل ذاهب، بل لقصور الأدلة، وخروج تلك الآثار موضوعا وتخصصا، وهذا الوجه يظهر من كلام الشيخ أيضا.
والثاني: أن دليل الأصل لا يمكن أن يتكفل بآثار الآثار، وآثار الوسائط ولو كانت شرعية، لأن الأثر إنما يكون تحققه بنفس التعبد، ولا يمكن أن يكون الدليل المتكفل للتعبد بالأثر متكفلا للتعبد بأثر الأثر، لأن أثر المتيقن متقدم ذاتا واعتبارا على أثره، أي أثر الأثر، لكونه موضوعا له، فلا بد من جعل الأثر والتعبد به أولا، وجعل أثر ذلك الأثر والتعبد به في الرتبة المتأخرة عن الجعل الأول، ولا يمكن أن يكون الجعل الواحد والدليل الفارد متكفلا لهما، للزوم تقدم الشئ على نفسه، وإثبات الموضوع بالحكم.
وبالجملة: يرد في المقام الإشكال الذي ورد على أدلة حجية خبر الثقة بالنسبة إلى الأخبار مع الواسطة (4).