الحركة التوسطية لو كانت موجودة - بمعنى انقطاع كل حد وآن عن سابقه ولاحقه، ووجود الحد الآخر والآن الآخر بعده منقطعا عن الحد والآن الآخر - فلازمه إنكار الحركة أولا، فإن تبادل الآنات لا يوجب وجود الحركة، والجزء الذي لا يتجزأ وتتالي الآنات ثانيا، ولهذا تكون الحركة بمعنى التوسط والآن السيال مما لا وجود لهما، بل ما هو الموجود هو الحركة القطعية والزمان، لكن نحو وجودهما يكون بالامتداد التصرمي والاستمرار التجددي.
وأما عند العرف: فلأنهم يرون أن اليوم إذا وجد يكون باقيا إلى الليل، والليل باقيا إلى اليوم، ولا ينافي ذلك اعتبار الساعات والحدود لهما، فلعل ارتكاز العرف يساعد العقل في البقاء التصرمي والاستمرار التجددي.
وكيف كان: لا إشكال في صدق البقاء عرفا على استمرار النهار والليل وكذا الحركات، فإذا تحرك شئ تكون حركته موجودة باقية عرفا إلى انقطاعها بالسكون، ولا تكون الحركة مجموع دقائق وساعات، منضم بعضها إلى بعض وهذا مما لا إشكال فيه، إنما الإشكال في مقامين:
أحدهما: ما أفاده الشيخ الأنصاري وتبعه غيره، من أن استصحاب بقاء النهار أو الليل، لا يثبت كون الجزء المشكوك فيه متصفا بكونه من النهار أو من الليل، حتى يصدق على الفعل الواقع فيه أنه واقع في الليل أو النهار، إلا على القول بالأصل المثبت مطلقا أو على بعض الوجوه الآتية (1).
ثانيهما: أنه يعتبر في الموقتات إحراز وقوعها في الزمان الذي اخذ ظرفا لامتثالها، فيعتبر في الصيام وقوعه في الظرف المعتبر وقوعه فيه وهو شهر رمضان، وكذا الصلاة اليومية لا بد من إحراز وقوعها في الليل أو النهار، فاستصحاب بقاء النهار أو الليل