وتحقيق الحال يقتضي التكلم في مقامين: (المقام الأول) - فيما إذا لم تعلم مخالفة الحي مع الميت في الفتوى (المقام الثاني) - فيما إذا علمت المخالفة بينهما تفصيلا أو اجمالا.
(أما المقام الأول) فقد يتمسك فيه لجواز تقليد الميت باستصحاب بقاء حجية فتواه. وحيث أن جريان الاستصحاب يتوقف على أمرين: اليقين بالحدوث، والشك في البقاء، فقد أجيب عن الاستصحاب المذكور (تارة) بعدم اليقين في الحدوث، (وأخرى) بعدم الشك في البقاء.
(أما الأول) فهو أنه في موارد التقليد الابتدائي لم تعلم حجية فتوى المجتهد، إلا في حق الموجودين في زمانه. وأما المعدومين، فلا علم لنا بحجية فتواه في حقهم، لاحتمال اختصاصها بالموجودين.
وفيه أن مقتضى أدلة حجية الفتوى هو حجيته في حق الجاهلين على نحو القضية الحقيقية، بمعنى أن كل من فرض وجوده في الخارج، واتصف بكونه مكلفا، فهو في ظرف اتصال به تكون فتوى المجتهد حجة في حقه، فلا اختصاص لحجية فتواه بجاهل دون جاهل، فلو فرض كون المعدومين في زمان المفتي موجودين فيه، لكانت فتواه حجة في حقهم قطعا. غاية الامر أنه يحتمل ارتفاع الحجية المعلومة بارتفاع حياة المجتهد لاحتمال كونها مقيدة بحياة المفتي، فلا مانع من جريان الاستصحاب.
و (بعبارة أخرى) من كان معدوما في زمان حياته إذا وجد وعلم بتوجه التكليف إليه، فهو لا محالة يعلم بأن فتوى المجتهد المفروض مماته كانت حجة في زمان حياته على نحو القضية الحقيقية، ويشك في بقاء حجيتها كذلك بعد مماته، فيجري الاستصحاب في حقه، لتمامية كلا ركنيه. مضافا إلى أن الجوار المذكور على تقدير تماميته يختص ببعض الموارد، ولا يجري بالإضافة إلى من كان موجودا في زمان حياة المجتهد، ولم يقلده عصيانا أو غفلة، أو لكنه عاملا بالاحتياط، فأراد تقليده بعد