المرجع: الفقهاء ورواة الأحاديث والعارف بالأحكام، بخلاف أدلة حجية الرواية، فان المستفاد منها وجوب الرجوع إلى الرواية لا الراوي. ألا ترى أن المستفاد - من قوله تعالى: (إن جاءكم فاسق بنبأ... ألخ) - ان الموضوع هو النبأ لا المبني وكذا قوله (ع): " لا عذر لاحد في التشكيك فيما يرويه ثقاتنا " فان موضوع عدم جواز التشكيك ما يرويه الثقات لا الثقات، فلاحظ.
وبالجملة لا وجه للتمسك بالاستصحاب في اثبات حجية فتوى المجتهد بعد موته.
وما قيل - من أن مقتضى السيرة العقلائية هو جواز الرجوع إلى فتوى المجتهد بعد موته لأنهم لا يفرقون في الرجوع إلى أهل الخبرة ونظرهم بين حيهم وميتهم، ومن ثم ترى أنهم يراجعون كتب الطب ويعملون بما فيها، ولو بعد موت مؤلفيها - مندفع بما ذكرناه سابقا: من أن بناء العقلاء لا اعتبار له ما لم يقع موردا لامضاء الشارع.
وقد عرفت أن مقتضى ظاهر أدلة الامضاء من الآيات والروايات هو اعتبار الحياة في حجية فتوى المجتهد.
ويمكن الاستدلال على عدم جواز تقليد الميت بوجه آخر. وهو أنه لو جاز تقليد الأموات وجب تقليد اعلمهم. والتالي باطل، فالمقدم مثلة (بيان الملازمة):
أنا نعلم - ولو إجمالا - بمخالفة الأموات والاحياء في الفتوى. وقد ذكرنا سابقا أنه مع العلم بالاختلاف يجب تقليد الأعلم، فإذا يجب الفحص عن أعلم جميع العلماء:
الأموات والاحياء وتقليده، وينحصر جواز التقليد بشخص واحد من عصر المعصوم (ع) إلى زماننا هذا. أما بطلان التالي، فبضرورة المذهب القاضية بفساد مسلك العامة الحاصرين لمنصب الفتوى في العلماء الأربعة. هذا كله في التقليد الابتدائي وأما البقاء على تقليد الميت، فالظاهر جوازه، لما تقدم من أن السيرة العقلائية جارية على الرجوع إلى نظر أهل الخبرة حيا كان أو ميتا. وما ذكرناه