إلى بقاء ذلك الشئ، فيدور الحكم مداره حدوثا وبقاء، كعدم جواز الصلاة خلف الفاسق، فإنه يدور مدار فسقه. ولامانع من أن تكون فتوى المجتهد من قبيل الأول كالرواية والشهادة. وعليه فيمكن التمسك باستصحاب حجية رأيه بعد موته. وما ذكره - من القطع بعدم جواز تقليد من زال عنه الرأي بالتبدل أو بعروض الجنون أو الهرم وهو دليل على أن الحجية دائرة مدار بقاء الرأي - غير تام، لاختصاص حجية الرأي بما إذا لم يظهر بطلانه، وبعد تبدل الرأي يظهر خطأه، فكيف يكون حجة؟
والامر في باب الرواية أيضا كذلك، فان الراوي لو اعترف بخطأه في الرواية تسقط الرواية عن الحجية بلا اشكال. وأما ارتفاع حجية الفتوى بزوال الرأي لهرم أو جنون فهو لامرين:
(الأول) - القطع من الخارج بعدم جواز تقليد من طرأت عليه هذه الطوارئ، فان المجنون لا يليق بمنصب الفتوى الذي هو فرع من فروع منصب الإمامة. وكذا من التحق بالصبيان للهرم أو النسيان، فان الشارع لا يرضى بزعامة المجنون وكونه مرجعا للمسلمين، ولو من جهة فتواه السابقة. وكما أن الجنون مانع عن الرجوع إلى المتصف به في فتاواه السابقة على عروضه، كذلك الفسق. وهذا بخلاف الموت فإنه ارتقاء للانسان وارتحال من عالم إلى عالم أرقي وأشرف. ولذا اتصف به الأنبياء والأوصياء (ع)، فالفتوى تفترق عن الرواية من هذه الجهة، فان عروض الجنون أو الفسق للراوي لا يمنع عن حجية روايته التي رواها قبل عروضهما له، كما هو المروي بالإضافة إلى كتب بني فضال.
(الثاني) - الاجماع المحقق على عدم جواز تقليد من طرأت عليه هذه الطوارئ، من الجنون والفسق.
هذا، ولكن التحقيق أنه لا يمكن إثبات جواز تقليد الميت بالاستصحاب: