مماته، فان فتوى المجتهد كانت حجة في حقه على الفرض، فلا مانع من استصحاب حجيتها بعد مماته.
و (أما الثاني) فقد ذكر في الكفاية ما حاصله: أنه لا مجال لاستصحاب بقاء حجية فتواه بعد موته، إذ بموته يرتفع رأيه الذي هو موضوع الحجية، فإنه متقوم بالحياة في نظر العرف، فالموضوع ليس باقيا في نظر العرف، وإن كان باقيا في الحقيقة ولذا يرى المعاد من إعادة المعدوم، ثم إنه (ره) أورد على نفسه بأن الرأي والاعتقاد وان كان يزول بالموت لانعدام موضوعه وهو الانسان، إلا أن حدوث الرأي في حال حياته كاف في جواز تقليده بعد موته أيضا، كما هو الحال في الرواية. وأجاب عنه بالفرق بين الرواية والفتوى. وحاصله أن الرواية إنما تكون حجة بحدوثها، فلا يضر موت الراوي بحجيتها، بخلاف الفتوى، فان حجيتها تدور مدار بقاء الرأي، للقطع بعدم جواز تقليد من زال رأيه بعروض الجنون أو الهرم، أو التبدل برأي آخر، انتهى.
والتحقيق عدم تمامية هذا الجواب أيضا، لما ذكرناه في بحث الاستصحاب من أن المراد ببقاء الموضوع هو اتحاد القضية المتيقنة والقضية المشكوك فيها. ولا إشكال في اتحادهما في المقام. وأما ما ذكره من عدم بقاء الرأي بعد موت الانسان بنظر العرف فهو وان كان كما ذكره، إلا أن حدوثه كاف في حجيته حدوثا وبقاء، بمعنى ان حجية رأي المجتهد لا تدور مدار بقائه، فان الفتوى مثل الرواية والشهادة من هذه الجهة.
(توضيح ذلك): أن الشئ قد يكون بحدوثه موضوعا لحكم من الاحكام، بأن يكون حدوثه في زمان كافيا في ثبوت الحكم وبقائه كما في حكم الشارع - مثلا - بعدم جواز الصلاة خلف المحدود، فان وقوع الحد على أحد في زمان كاف في عدم جواز الائتمام به إلى الأبد. وقد لا يكون حدوثه كافيا في بقاء الحكم، بل يحتاج بقاؤه